هُــدنة ولو طارت!..بقلم/ توفيق الحميري

 

صحيحٌ أن وجودَ الهُــدنة خيرُ من عدمه! ولكن هُــدنة مع استمرار الحصار يكون لوضع الهُــدنة حسابات مغايرة.

إن واقعَ الحال يقول وبلا شك خلال هُــدنة الـ 6 الأشهر الماضية اتضح لنا الآتي:

لا تزال مزاعمُ الأمم المتحدة بأن طرفَي الهُــدنة والصراع في اليمن هما طرفان يمنيان ولهذا لسنا بحاجةٍ إلى خوض نقاش طويل لنفي هذا أَو التغاضي عنه إلا إذَا كانت هناك تحَرّكات وتعزيزات عسكرية خارجية في نطاق أراضينا ومياهنا اليمنية أَو استغلال خارجي لوجود الهُــدنة ويتم القيام بممارسات خارجية حتى ولو كانت غير عسكرية ولكنها تمس السيادة أَو تضر بمصالح اليمنيين حَـاليًّا أَو مستقبلاً بأي شكل من الأشكال فهذا الأمر قد يجعل الهُــدنة مرفوضة تماماً..

وطبعاً لا يخفى عليكم أن التحَرّكات الخارجية موجودة وبكل أشكالها المعادية عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا بل وموجودة حتى بأجندات تنخر في تفاصيل مجتمعية وثقافية للمناطق المحتلّة كُـلّ هذا يحدث أثناء الهُــدنة،…!

وكأن الهُــدنة التي يريدونها عبر موفدهم الأممي تتعلق فقط بالجزء الآمن من التراب اليمني ولا علاقة لنا بترابنا المحتلّ!!

هُــدنة بهذه الكيفية التي يتصورها كسينجر هي ليست هُــدنة بل هي أخطر من استمرار اشتعال عيارات النار وغارات الدمار..

هل يعتقد تحالف العدوان أن وفدنا الوطني مغفلون لدرجة أن يعتقد أن مفهوم الهُــدنة هو بقاء سماء المناطق التي تحت سيطرة حكومة صنعاء خالية من طائراتهم فقط وأن الرئيس اليمني المشير مهدي المشاط، غير معني بتحَرّكات الاحتلال في المهرة أَو سقطرى أَو جزيرة ميون؟!

من الغير مقبول أن تبقى الهُــدنة في نظرهم أَو ممارساتهم أنه مسموح لهم أن ينفذوا أي مهام في المناطق المحتلّة أَو التي تحت سيطرة أدواتهم ومرتزِقتهم مقابل تجنيب صنعاء والحديدة وصعدة الاستهداف المباشر وكأن دفاع جيشنا وصمود شعبنا كان مجزَّأً وليس معنياً بكل أرجاء الوطن.

أحمق وغبي من يظن أن ابن حبتور ورفاقه سيقبلون بالتقيد بسلوك الهُــدنة المفترضة في مخيلة مجلس العار والسبعة المبشرين بخفي سفير السعوديّة وأحمق وغبي من يريد خداع نفسه ويعتقد أن الأُستاذ محمد عبدالسلام ورفاقه سوف يفاوضونكم على آلية وكيفية الالتزام بالهدوء والمشاهدة لما يتم من نهب لثروتنا وتعزيز تواجد قوات خارجية وإنشاء قواعد عسكرية لأكثر من دولة محتلّة..

على تحالف العدوان أن يدرك أنه إذَا كانت الهُــدنة تعني تلك الحالة المستهترة وأنكم تفكرون بنهايات لا تُوجِدُ فرقاً بين مَـا هو قائم من هُــدنة مخترقة ومختزلة وبين استمرار الحرب.

لذلك وبعد الذي تم التطرق إليه أعلاه وطالما لم تنفذ مطالب الشعب الإنسانية الـ3 على أقل تقدير..

فالهُــدنة المطلوب استيعابها من دول العدوان بصريح العبارة أنه لو قامت السعوديّة أَو الإمارات أَو غيرها بالتصرف بمقدار كيس مليئة بالرمل أَو جالون ماء داخل إطار الجمهورية اليمنية فهذا انتهاك واعتداء لا يمكن قبول استثناءه من الهُــدنة، أما ما يريدونه من هُــدنه على طريقة تهدئة وضع في صنعاء وتخريب ونهب ثروات وسفك دماء وتمزيق مجتمع وهُــوِيَّة في عدن والمهرة وسقطرى والمخاء وغيرها فهذا يعتبر مُجَـرّد استغفال واستهبال لا ينطوي على شعب الحكمة، والقيادة الحكيمة تمتلك من الفطنة والحرص ما جعلها جديرة بإدارة ثمان سنوات من الصمود والانتصار بكل اقتدار على كُـلّ التكالب المعادي لليمن أرضاً وإنساناً.

ويبقى السؤال المهم ماذا سنفعل إذَا لم يتم التجديد للهُــدنة؟!

هل سيكون أول الخيارات الذي سيفكر به أحرار الشعب هو التامين لحقول نفط صافر وبتر أيدي اللصوص والعملاء من نفطنا وغازنا مثلاً ومن ثم التوجّـه نحو باقي المناطق المحتلّة؟؟

أم إبقاء الوضع الداخلي هادئاً والقيام مباشرة بتوجيه ضربات لمنشآت نفطية ومواقع حيوية وعسكرية سعوديّة وإماراتية أم ماذا؟؟

في اعتقادي أننا إذَا وصلنا إلى نقطة عدم قبول الهُــدنة ولو بأدنى بنودها الإنسانية الملحة أننا سنتجه إلى التالي:

التصعيد الميداني في الجبهات وبصورة عامة وهذا ما سيجعل أمريكا والسعوديّة والإمارات تعود للتدخل العسكري عبر الطيران وغيره وهنا طبعاً سيتم ردع التدخل الخارجي بحجم غير مسبوق وبحيث نصل إلى مستوى مختلف للهُــدنة القادمة والتي أطرافها نحن ودول العدوان مباشرة وباعتراف أممي..

واعتقد أن شدة الضربات الرادعة التي سيتلقاها العدوان ستجعلهم يستجدون قبولنا عودة الهُــدنة ببنودها التي يتعنتون تنفيذها ويخترقونها نارياً بشكل يومي بها ولن نوافق عليها إلَّا بالتزام عدم تعرضهم لشأننا المحلي وعدم تدخلهم مستقبلاً فيما يجري محلياً وستتحول الهُــدنة إلى وقف إطلاق نار بين طرف يمني وأطراف خارجية معادية إذَا خسر تحالف العدوان تجديد الهُــدنة الحالية فسوف تتطور الهُــدنة إلى إطار خارجي فقط قابل للاشتعال عند تجاوز الخطوط الدولية الحمراء وسينتقل واقع مناطق اليمن والنواحي الشرقية والجنوبية والغربية إلى واقع طارد للمحتلّ يتلاقى مع خيارات صنعاء ويساند جيش الواحد والعشرين من سبتمبر وواقع يعيد بناء وحدة الشعب الذي لا يقبل بغير الجمهورية اليمنية كاملة السيادة والاستقلال وهذا الخيار سيتحقّق لا محالة فمعركتنا مُستمرّة حتى تحرير آخر شبر من الأراضي اليمنية والقائل لهذا المسار هو صاحب القول والفعل قائد الثورة أبو جبريل -يحفظه الله-.

وأخيرًا سواء استوعب تحالف العدوان الهُــدنة أَو أخذه غباءه لعدم استيعابها سوف يصل أدوات أمريكا لمرحلة البحث عن هُــدنة ولو طارت وعلى غرار المقولة الشهيرة عربياً.. عنزة ولو طارت، ولكن خيارات الشعب اليمني ليست ملزمة بأن يثبت لبن سلمان وابن زايد أن العنزة لا تطير وأن الهُــدنة لا تدوم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com