وذكّر فَـإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين..بقلم/ نايف حيدان*
لا أستطيعُ أن أتكتَّمَ على جورٍ أَو أصمُتَ على ظلم ولا يسمح لي ضميري على المداهنة أَو المجاملة والنفاق فكلمة الحق تصدح مثل “العطسة” من الصعب كتمانها.
لا ننكر أن معظمَ تجار الأدوية منذ عقود معتمدين في تجارتهم وثراهم غير المشروع على تهريب الأدوية فمَن كان يتاجر بالسلاح في عهد عفاش يتاجر أَيْـضاً بالأدوية بنفس الوقت.
فأبوابُ التهريب مفتوحةٌ على مصراعيها ليس من اليوم بل منذ عشرات السنين.
إلا أننا اليوم في وضعٍ استثنائي آخر وخطير جِـدًّا وشديد الحساسية وَيختلفُ كَثيراً عن الوضع السابق، أجل تحت ظل حرب وعدوان غاشم ولهذا يتطلب منا جميعاً -كمسؤولين وأفراد- الدقةَ في العمل وعدم السماح لأي تسلل للعدو لأية مؤسّسة من مؤسّسات الدولة، وإن حدث خللٌ في مكانٍ ما فيجب عزل المسؤول الأول كخطوة أولى للتصحيح والبحث بعدها عن الشبكة التي تقف خلف هذا الخلل ومحاسبة ومعاقبة كُـلّ من ارتكب أَو ساهم في هذا الخلل بدون تمييز أَو فرز؛ بسَببِ اللقب أَو الانتماء أَو المنطقة.. هذا إن أردنا تحصينَ مؤسّسات الدولة من الاختراق وتصحيح أوضاعها ومنع حدوث كوارثَ ككارثة موت أطفال مستشفى الكويت بالعاصمة صنعاء.. فالعدوّ يتصيَّدُ الأخطاءَ وليس هكذا فقط بل يعمل بكل ما أوتي من قوة في صنع أخطاء عبر أدوات مزروعة من قبل ويزرعها حديثاً.
كمثالٍ قريب جِـدًّا خطأ وزير الكهرباء السابق في حق مواطن ومعالجة الخطأ بتلك الطريقة أوجدت ارتياحاً شعبياً كبيراً وتصرف أكثر من رائع وغير مسبوق من حَيثُ سرعة المعالجة والطريقة الحديثة والأُسلُـوب الراقي في التعامل مع مثل هكذا قضايا قد تحَرّك الشارع وتزرع غضباً وردة فعل سلبية لا يتوقعها المسؤول، ومقارنة هذا الخطأ بالخطأ الجديد في حق أطفال مستشفى الكويت وطريقة المعالجة بتشكيل لجنة أَو زيارة الوزير للمستشفى ليست محل قبول وَحتى لو استلمت أسرة كُـلّ طفل مليارات الريالات كتعويض عن فقدان قرة عينها.. فالخطر يظل قائماً والخطأ قد يتكرّر بطريقة أُخرى أَو بشكلٍ آخر طالما أسبابه قائمة فجذر حَـلّ المشكلة هي إزالة ومعالجة مسبباتها.
بعيدًا إن كان المسؤول الأول نزيها وشريفا وكفؤا ومحل إخلاص وصاحب تضحيات جسيمة وله مواقف وطنية لا غبار عليها إلا أن ما حدث في مؤسّسته أَو وزارته هو من يتحمل المسؤولية الكاملة فيها وعدم تقديمه لاستقالته من ذات نفسه أعتبره أنا وغيري تشبثا وحبا للكرسي ولا مبالاة إن لم نقل عدم شعور بالمسؤولية.
وبالمعالجة السليمة والصحيحة لمثل هكذا أحداث نؤمن جبهتنا الداخلية ونحصنها من أي اختراق، كون وضع اللا هُــدنة يختلف كَثيراً في خطورته عن وضع الحرب المشتعلة، وهذا رهان كبير يراهن عليه العدوّ اليوم في النيل منا بعد أن عجز باستخدام كُـلّ الوسائل القبيحة.
* عضو مجلس الشورى