أهميّةُ التوسُّع في الزراعة وزراعة القمح كسلعة استراتيجية..بقلم/ هلال الجشاري
الجانـبُ الزراعي يعتبر من الأوجه التي لا تقل أهميّةً عن باقي ميادين القتال لمواجهة العدوان بشتى الوسائل المتاحة، ويعتبر الاهتمام بالزراعة من الضروريات الملحــة كما أنه واجب ديني ومسؤولية مجتمعية يجب على الجميع تحملها والنهوض بها، فإذا حمل الإنسان اليمني الفــأس والمحراث وتوجّـه إلى أرضه لزراعتها، لا يقل عن الذي حمل البندقية وتوجّـه إلى ميادين القتال لمواجهة أعداء الله وأعداء الوطن من الغزاة والمحتلّين.
فالمزارع اليمني عندما يحمل الفأس والمحراث ويتوجّـه إلى أرضه ويزرعها فهو يكسر به الحصار ويخيب آمال العدوان اقتصاديًّا وسيقهر العدوان ليهزمه شر هزيمة، مما يحتم علينا جميعاً الاهتمام الكبير والتوجّـه الفاعل لإحداث نهضة وتنمية زراعية شاملة والتوسع في زراعة المحاصيل الاقتصادية والغذائية من الحبوب والبقوليات وخُصُوصاً محصول القمح كمحصول استراتيجي ومادة غذائية أَسَاسية لا غنى عنها وتستعمله معظم شعوب الأرض، كما أن القمح يرفد الدول المصدرة بموارد مالية ضخمة.
لهذه الأسباب وغيرها لعب القمح ولا يزال دورًا مهمًا على الصعيد السياسي، إذ تحولت هذه السلعة إلى مادة استراتيجية، وحتى إلى سلاح غذائي حاد بيد الدول المصدرة له كالولايات المتحدة الأميركية، لانتزاع مواقف سياسية، أَو لتحقيق مكاسب اقتصادية فالقمح قاعدة المواد الغذائية، والعنصر الأهم في الأمن الغذائي للعديد من الدول، وكما أن انخفاض إنتاج القمح في بعض السنوات نتيجة ظروف مفتعلة أَو مستجدة (فيضانات، كوارث، أوبئة، جفاف…) بحيث لا يتوازن حجم الطلب عليه مع إمْكَانية التوسع في زراعة القمح في العديد من دول العالم، وبالتالي تستمر زيادة إنتاجه محدودة جدًّا، في المقابل معظم الدول المصدرة للقمح متجانسة في مواقفها السياسية والاقتصادية من دول العالم الثالث، لذلك فهي تستخدم القمح كوسيلة ضغط سياسي على البلدان المستوردة مما جعل بعض الدول المستوردة للقمح في حالة تبعية غذائية تؤدي إلى تبعية سياسية للدول المصدرة وقد تصل إلى مرحلة المعاناة عند بعض الدول المستوردة من أزمات غذائية حادة عند منع التصدير.
كلّ هذه الأسباب وغيرها تحتم علينا التوسع في الزراعة وزراعة الحبوب وخُصُوصاً القمح بداية بالاستعداد القوي لهذا الموسم الزراعي والتوسع في زراعة الحبوب وخُصُوصاً القمح وكما ندعو الجهات المعنية بسرعة توفير البذور الجيدة والأصناف المناسبة للمزارعين وكلّ مدخلات الإنتاج الزراعي وتوفيرها سواءً بالقروض أَو بسعر مناسب، وفي نفس الوقت لسد أية فجوة خَاصَّة بعدم قدرة هذه الجهات المعنية بتوفير البذور ومدخلات الإنتاج نظراً للتوجّـه الكبير والتوسع في الزراعة وزراعة القمح، يجب تكثيف النزول الميداني واللقاء بمجتمع المزارعين ونشر الوعي في أوساطهم حول أهميّة التوسع في زراعة الحبوب وخُصُوصاً القمح وأهميّة توفير البذور فيما بينهم ضمن الزراعة التكافلية لتوفير البذور وكذلك القطاع الخاص يجب أن يتفعّل ويتحمل المسؤولية في توفير مدخلات الإنتاج من أسمدة وغيرها سواء بالقروض للمزارعين أَو بأسعار مناسبة، وبالنسبة للفجوة الكبيرة الحاصلة وعدم قدرة بعض الجهات المعنية توفير البذور ولسد هذه الفجوة إضافة إلى ما ذكرناه على الجهات المعنية نشر الوعي المجتمعي وتكثيف الإرشاد والتوعية بين أوساط المزارعين والجمعيات الزراعية وتعريفهم بطرق انتخاب وتخزين وحفظ ومعاملة البذور وتعقيمها وُصُـولاً إلى تعريفهم بكيفية عمل بنك القرية أَو المنطقة لحفظ البذور، والاستعداد لإطلاق المراكز المجتمعية لتوفير البذور بمشاركة مجتمع المزارعين المنتجين للبذور، وبهذا نضمن توفير البذور للمزارعين فيما بينهم سواءً بالقروض والتكافل المجتمعي كما كان يعمل أجدادنا المزارعين وفي نفس الوقت اسناداً قوياً للجهات المعنية في توفير البذور وتجسيد روح التعاون والمشاركة بين الحكومة والمجتمع وبنفس الوقت على الجهات المعنية خُصُوصاً البحثية تكثيف عملها البحثي وتحسين وصيانة الأصناف المحلية والحفاظ عليها من التدهور وتكثيف الجهود لإطلاق أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية ومقاومة للأمراض ومناسبة للظروف المناخية ونشرها وزراعتها وإكثارها من قبل المزارعين، بالإضافة إلى تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية والتسويق الزراعي؛ لأَنَّها ستكون سببًا جوهريًا في حَـلّ المشكلات التي يتعرض لها المزارعون بشكل موسمي، والتي تتمثل في الزيادة الكبيرة في إنتاج بعض السلع والتي تزيد عن حاجة السوق المحلى مما يترتب عليه الانخفاض الحاد في الأسعار وتعرضهم للخسائر.
أخيرًا يجب علينا جميعاً -مجتمعاً وحكومةً- استشعار المسؤولية وخطورة وحساسية المرحلة وما يجري بالعالم من حولنا مستغلين توجّـهات وتوجيهات القيادة الحكيمة والعمل لتحويل كُـلّ التحديات من عدوان وحصار مفروض علينا إلى فرص ونجاحات متوكلين على الله واثقين بنصره وتأييده في كُـلّ أعمالنا والبحث عن البدائل والطرق المناسبة، وَلنسعَ جميعاً للاعتماد على أنفسنا ولتكونُ الزراعةُ وحصادها عوناً ووفاءً لتضحيــات الشهداء وعوناً للمجاهدين في الميادين الذين يذودون عن هذا الوطن الغالي بأنفسهم وأرواحهم، وسيحقّق أَيْـضاً المزارعُ اليمنيُّ بهذا الجهد الاكتفاء الذاتيَّ، وسيأكلُ مما يزرع ويلبس مما يصنع وسيحقّق المستحيلَ؛ لأَنَّ اليمنيَّ منذُ القدم هو دائماً صانعُ المستحيل وَالمعجزات وسيكون اللهُ في عونه ومباركاً لما يحصده من خيرات أرضه.