دولةُ المجتمع ومجتمعُ الدولة..بقلم/ علي عبدالله صومل
أعتقد أن المرحلة القادمة هي مرحلة التغيير المؤسّسي والتصحيح الإداري وإعادة التأسيس والبناء لأجهزة الدولة وفق المنطلقات الإيمَـانية والموجهات القرآنية الهادية إلى إنشاء دولة العدل التي تستخدم القوة والحزم في موضعهما الصحيح كما تستخدم الرحمة والرفق في موقعهما المناسب، وبناء دولة تخدم الشعب وتسهر على مصالحه وتحافظ على كرامته وتنهض به فكرياً وأخلاقياً واقتصاديًّا وصناعياً… إلخ، لتكتمل أسباب القوة وعوامل النهضة وتقوى روابط الوحدة وأواصر الأخوة.
نعم إن المرحلة الراهنة هي مرحلة القطاف لثمار الصبر والاستقبال لبركات النصر وبلا شك أن الشعب هو صانع ملاحم الصمود ومرسي دعائم الشموخ ومن جبينه المعفر بغبار الميدان والناضح بعرق الكفاح تشرق شمس العزة والكرامة ويسطع فجر الحرية والعدالة، واليد الطولى لليمن الكريم دولةً وشعباً التي قهرت معاول الطغاة ودمّـرت معاقل البغاة وقبرت جحافل الغزاة ليست عاجزة عن إعادة بناء الذات من الداخل وبلغة معمارية هندسية فَـإنَّ من بنى جدار السيادة وأشاد حصنها المنيع لن يعجز عن ترميم السكن من الداخل وتوفير أسباب السعادة لسكان اليمن الكبير.
إن شعباً يمد جسور العبور من ضفة الذل والهوان إلى ضفة العز والإباء لهو قادر بإذن الله على تطويع المستحيل وتذليل الصعاب ومفاجأة الشعوب بآيات العظمة والإبداع في المجالات الإدارية والزراعية والصناعية والخدمية والمدنية كما أدهش شعوب الأرض قاطبة بعزيمته الفولاذية وعبقريته القتالية وقدراته الحربية.
إن السيد القائد -يحفظه الله- يعمل إلى الانتقال الفكري والحركي المدروس وفق ما تسمح به الإمْكَانيات والظروف من مرحلة التكافؤ مع الخصم إلى مرحلة التفوق عليه ومن حالة الحفاظ على رأس المال من سرقة اللصوص إلى حالة الاستثمار له والاستفادة منه ولن يتحقّق الانتقال المطلوب والتفوق المرغوب إلا بالارتقاء بوعي وإدراك وقدرات ومهارات الصادقين الأحرار في أجهزة الدولة ومكونات المجتمع ليكونوا شركاء في المسئولية وبالتالي يجنون جميعاً إما ثمار الحكمة والمهارة والعزم وإما آثار البلادة والارتجال والوهن فلا الدولة تنحي باللائمة على المجتمع ولا المجتمع يرجم بالتبعة على ظهر الدولة.
إن السيد القائد -يحفظه الله- يريد من خلال هذه الشراكة أن تنهض اليمن وفق معادلة نموذجية قد تكون غير مسبوقة في أنظمة الشعوب الأُخرى أقصد معادلة “مجتمع الدولة ودولة المجتمع” فلا الدولة معزولة عن المجتمع فتستأثر بالفوائد ولا المجتمع بعيد عن الدولة فيحيك لها المكائد.
إن من أهم مميزات الرؤية الحضارية والمنهجية الإدارية التي يقدمها السيد القائد -حفظه الله- في محاضراته وخطاباته ودروسه أنها تعيد هندسة المفاهيم وصياغة المصطلحات بمضامين فريدة وعناوين جديدة لا تلتقي مع المعارف المستوردة والمصدرة، والمصطلحات المأخوذة أَو المفروضة من لدن الحضارة الأُورُوبية والثقافة الغربية، بل إنها قرآنية المنبع إنسانية المصب أَو فلتقل: ربانية المصدر عالمية الوجهة إنسانية الهدف، تبث شعاعها في عقول المستبصرين بنور القرآن وتحدث إيقاعها على قلوب المنتصرين بسلاح الإيمَـان لتعزز في وجدان اليمنيين وواقعهم الملموس آفاق وأبعاد منهجية التطهر من رجس الشيطان والتحرّر من سيف الطغيان وتغرس عاطفة المحبة والرحمة لأبناء الوطن كما تحَرّك عاصفة القوة والشدة على أعداء اليمن.
لقد كان يظن الكثيرون بما فيهم العوام وأنصاف المثقفين من المجاهدين أن الثقافة القرآنية والهُــوِيَّة الإيمَـانية -نظراً لاستمرارية العدوان والحصار- تنتهي مساحتها التطبيقية عند التعبئة القتالية والمسيرة النضالية ولكنهم منذ الفترة الأخيرة ومن خلال محاضرات السيد القائد -يحفظه الله- بدأوا يكتشفون شمولية عناوين الثقافة والهُــوِيَّة وسعة مضامينهما وهم، إذ يلمسون بركات التسليم والولاء لقائدهم القرآني الحكيم يدركون نعمة التشيع في محمد وآل محمد -عليه وعليهم السلام- وعظمة الاتباع لمنهجهم القويم ويحمدون الله على هذا التوفيق ويعقدون العزم على مواصلة المسير في ذات الطريق ويدركون حينها أسباب البؤس والشقاء اللذين عانت منهما الأُمَّــة الإسلامية في مراحل الانحراف الفكري والحركي عن أعلام الحق وأئمة الهدى من أهل البيت -عليهم السلام-.