كواليسُ الدبلوماسية الأمريكية..بقلم/ مالك الغنامي
تتوالى المتغيراتُ وتتسارعُ الأحداثُ وتنكشِفُ الأقنعةُ ويتضحُ الدورُ الأمريكي في الاحتلال شيئاً فشيئاً، ليعرف من لا زال لا يعرفُ أو في نفسه أدنى شك بالمشاريع الأمريكية وأهدافها الاستعمارية ليس في اليمن فحسب بل في معظم أقطار العالم.
لم تكن التحَرّكاتُ والزيارات المتتالية للسفير الأمريكي والوفود البريطانية للمحافظات المحتلّة عابرةً أو صدفة أَو حدثاً طبيعي، أَو تعبيراً عَمَّا أسموه الدبلوماسية.
إنه الطموحُ الغربي والمشاريع الغربية، وأهدافُ الاستحواذ على مقدرات الشعوب؛ لحفظ مصالح الغرب وبالأخص المصالح الأمريكية والبريطانية، فما يسعى له المشروعُ الأمريكي في اليمن ليس جديدًا ولا غريباً -لمن يحمل الوعي بخطورة اليهود والنصارى-، فهم يسعون منذ آلاف السنين لنهب الشعوب باسم مساعدتها، وقتلها باسم مجلس أمنها المزعوم، وحصارها باسم الإنسانية، وتجنيد الشعوب خُدّاماً لها باسم الحرية، وهنا تكمن الخطورة لكل التحَرّكات الخطيرة، فمن يقتلك من الجو لا يمكن أن يأتيَ لك بالمساعدة والدعم على الأرض، ومن شن العدوان عليك لا يمكن أن يكونَ راعياً للسلام أَو مدافعاً عنك.
كلُّ تحَرّك أمريكي أَو خارجي في اليمن أَو في غيرها هو ناتجٌ عن خطط مدروسة لأهداف محدّدة في المعايير، وواضحة التنظيم وعالية الدقة وبالغة الأهميّة لديه، بما يحقّق له الهيمنة الفعلية والاستحواذ المباشر عليه، وما يقوم به الغزاة في الجزر والمحافظات اليمنية المحتلّة ليس إلا تمهيداً لابتلاع اليمن بالكامل، فمن يُرِدْ ابتلاعَ جزيرةٍ سيكبِّرْ بطنَه لابتلاع محافظة بعد محافظة، باسم الدبلوماسية التي تحوي خلف كواليسها الاحتلال والاستعمار.
الغريب في الموضوع هو تحجُّرُ عقول البعض في الداخل وتناولهم للتحَرّكات الأمريكية في اليمن بشكلٍ بارد ومحايد، وكأن الموضوعَ دبلوماسيٌّ بحت ولا شأن له بالمشاريع الغربية في احتلال الشعوب ونهب مقدراتها وخيراتها واستعبادها.
ما يجب أن نعيَه جيِّدًا بالمنطقِ الجغرافي أن اليمنَ محطُّ أطماع الغزاة، وبالمنطق السياسي أن اليمن يمتلكُ الدبلوماسية القوية والعلاقات الراقية مع جميع الدول، واجتماعياً أن اليمنَ مجتمعٌ محافظ ومتماسك، ودينياً أن اليمنَ يمتلكُ هُــوِيَّة إيمَـانية راسخة وثابتة، واقتصاديًّا أن اليمن يمتلكُ جميعَ المقومات الاقتصادية، وكلُّ ما سبق هو ما يسعى الغرب حثيثاً بأن لا يمتلكه الشعب اليمني مهما كلفهم ذلك، وهذا هدفُهم في كُـلّ شعب يتدخلون فيه، ولكم أن تطلعوا على التدخلات الأمريكية في العراق وأفغانستان وفيتنام وغيرها، ولكم أَيْـضاً أن تأخذوا العبرة.