نادي الأسير عشيةَ يوم الطفل العالميّ: 160 طفلاً يقبعون في السجون و750 حالة اعتقال سجلت منذ بداية العام
المسيرة | وكالات
أكّـد نادي الأسير الفلسطينيّ في تقرير صدر عنه عشية يوم الطفل العالميّ الذي يُصادف الـ20 من نوفمبر من كُـلّ عام، إنّ أكثر من 750 حالة اعتقال سُجلت بين صفوف الأطفال، والفتية منذ مطلع العام الجاري كان من بينهم جرحى تعرضوا لإطلاق نار قبل الاعتقال وأثناء اعتقالهم، ومرضى.
ويبلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال اليوم نحو (160) طفلًا يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، بينهم ثلاث فتيات يقبعنّ في سجن “الدامون”، وهن: نفوذ حمّاد (16 عامًا) من القدس، وزمزم القواسمة (17 عامًا) من الخليل، وجنات زيدات (16 عامًا) من الخليل.
ومن بين الأطفال المعتقلين خمسة أطفال رهنّ الاعتقال الإداري، أحدهم تجاوز سنّ الطفولة مؤخّراً وهم: أنس أبو الرب / جنين، عبد الرحمن الخطيب/ بلدة حزما، عبادة خليل حمّاد / بلدة سلواد، جهاد بني جابر / بلدة عقربا، وصهيب سلامة/ جنين.
وَأَضَـافَ نادي الأسير في تقريره إنّ نسبة عمليات الاعتقال لا تعكس فقط السّياسة الممنهجة، والثابتة للاحتلال في استهداف الأطفال، وإنما تُشكّل الانتهاكات التي ترافق عمليات الاعتقال لهم، عاملًا مهمًا في قراءة مستوى الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها، فمنذ مطلع العام الجاري ورغم أنّ نسبة الاعتقالات لا تعتبر الأعلى مقارنة مع السنوات القليلة الماضية، إلا أنّ مستوى عمليات التّنكيل كانت من بين مجموعة من السنوات الأكثر تنكيلًا، منذ أواخر عام 2015م، تاريخ بداية (الهبة الشعبيّة).
وبيّن نادي الأسير أنّ الهبة الشعبيّة عام 2015، ليست المحطة الوحيدة التي شهدت تحولًا في تصاعد اعتقال الأطفال، بل ارتبطت هذه السّياسة كمجمل سياسات الاحتلال بتصاعد مستوى المواجهة، والحالة النضالية ضد الاحتلال، فكانت فئة الأطفال من أكثر الفئات استهدافا، ونجد من خلال الشّهادات التي تابعتها المؤسّسات الحقوقية، إن عمليات التّنكيل بمستوياتها المختلفة قد تصاعدت خلال هذا العام، وكان من بينها عمليات إطلاق النّار المباشر على الأطفال خلال اعتقالهم، والتّعذيب، كما جرى مع الفتى المقدسي محمد أبو قطيش والفتى نيشان زبن (16 عامًا) من رام الله والذي تعرض لإطلاق نار أَدَّى إلى إصابته وإعدام رفيقه الشهيد مصعب نفل.
كما طالت عمليات “العقاب الجماعي” الأطفال، كما جرى مع الفتى محمود ماهر السعيد (غوادرة) من جنين، وهو شقيق الشهيد محمد ماهر (غوادرة) الذي اعتقل على خلفية عملية الأغوار، وارتقى خلال العام الجاري 2022م، حَيثُ أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال شقيقه محمود في الـ27 من أُكتوبر 2022م، وما يزال موقوفاً.
وتابع نادي الأسير، إنّ حصيلة حالات الاعتقال بلغت منذ أواخر عام 2015م، حتّى هذا العام، أكثر من 9300 حالة اعتقال، وتُشكّل عمليات الاعتقال اليومية بحقّ الأطفال المقدسيين النّسبة الأعلى مقارنة مع بقية محافظات الوطن، كما وتتركز عمليات الاعتقال في البلدات، والمخيمات، وبعض المناطق التي تقع على تماس مع نقاط تواجد لجنود الاحتلال، والمستوطنات المقامة على أراضي بلداتهم.
وتشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال، إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أَو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتّفاقيات الخَاصَّة بحقوق الطّفل.
وما تزال قضية الأسير أحمد مناصرة الذي اعتقل وهو في سن الـ13، الشهاد الراهن والأبرز على ما يتعرض له الأطفال من عمليات تعذيب نفسيّ وجسديّ، ورغم مرور سبعة أعوام على اعتقاله، واستمرار تدهور وضعه النفسيّ والصحيّ، فَـإِنَّ سلطات الاحتلال عملت على سلب أي مسار كان بالإمْكَان إنقاذه بالإفراج عنه، وما يزال أحمد حتّى اليوم يواجه العزل الانفراديّ في ظروف مأساوية، وقاهرة، ومؤخّراً وخلال جلسة محكمة تمكّنتـ والدته من لمس إصبعه منذ سبع سنوات، ولم تسمح سلطات الاحتلال بأن تحتضن نجلها، كما وصرح محاميه خالد زبارقة، إنّ المخاطر على مصير أحمد تتضاعف مع استمرار عزله.
ولفت نادي الأسير إلى أنّ سلطات الاحتلال تُمارس بحقّ الأطفال المعتقلين أنماطاً مختلفة من التّعذيب خلال وبعد اعتقالهم، وتبدأ هذه الانتهاكات فعليًا قبل الاعتقال، حَيثُ يتعرض الطّفل الفلسطينيّ إلى عمليات تنكيل ممنهجة من خلال بنية العنف الواقعة عليه من الاحتلال، وأدوات السّيطرة والتّحكم، بما فيها من عمليات الاعتقال التي تُشكّل النّموذج الأهم لذلك، وبما يرافق عمليات الاعتقال من انتهاكات تبدأ منذ لحظة اعتقالهم، مُرورًا بأساليب التّحقيق القاسي، وحتّى نقلهم إلى السّجون المركزية لاحقًا.
وتتمثل الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفالُ: “باعتقالهم ليلًا، والاعتداء عليهم بالضّرب المبرّح أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم خلال اعتقالهم، وإبقائهم مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين قبل نقلهم إلى مراكز التّحقيق والتّوقيف، عدا عن حرمانهم من الطعام والشراب لساعات تحديدًا في الفترة الأولى من الاعتقال، وحرمانهم من حقّهم في المساعدة القانونية، وكذلك وجود أحد ذويهم، الأمر الذي يعرّض الطّفل لعمليات تعذيب نفسيّ وجسديّ بشكلٍ مضاعف، وذلك في محاولة لانتزاع الاعترافات منهم وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها، إضافة شتمهم وإطلاق كلمات بذيئة ومهينة بحقّهم، والاستمرار في احتجازهم تحت ما يُسمى باستكمال الإجراءات القضائية، فقلما تقر المحكمة بإطلاق سراحهم بكفالة وتتعمد إبقائهم في السّجن خلال فترة المحاكمة”.
وأشَارَ نادي الأسير إلى أنّ “إدارة سجون الاحتلال تحتجز الأطفال في مراكز توقيف وسجون تفتقر للحد الأدنى من المقوّمات الإنسانية، حَيثُ تحرم العديد منهم من حقهم في التّعليم والعلاج الطّبي، ومن توفير الاحتياجات الأَسَاسية لهم كإدخَال الملابس والأغراض الشخصية، والكتب الثقافية، ولا تتوانى إدارة السّجون في تنفيذ عمليات اقتحام لغرفهم وتفتيشات، وقد شهدت الأعوام السابقة تصاعد لعمليات القمع”، وسُجلت أبرز هذه المحطات في بداية عام 2020م، في سجن “الدامون” بعد عمليات نقل ممنهجة تمت بحقّ الأطفال الأسرى من سجن “عوفر” إليه في محاولة لسلب الأسرى أحد منجزاتهم ألا وهو وجود مشرفين من الأسرى عليهم، حَيثُ تعرض الأطفال في حينه للضّرب المبرّح، ولعمليات تنكيل وتهديد متواصلة، وفرض عقوبات بحقّهم كالعزل، وسحب الأغراض الشّخصية، والحرمان من “الكنتينا”.
وتواصل سلطات الاحتلال فرض أنظمة عنصرية قائمة على التصنيف بحقّ المعتقلين الأطفال ففي الضّفة يخضعون الأطفال لمحاكم عسكرية تفتقر للضّمانات الأَسَاسية للمحاكمة “العادلة”، ودون أي مراعاة لخصوصية طفولتهم ولحقوقهم، ووضعت تلك المحاكم الإسرائيلية تعريفاً عنصرياً للطفل الفلسطينيّ لسنوات، بحيث اعتبرته الشّخص الذي لم يبلغ سنّ (16 عاماً)، وليس (18 عاماً)، كما تعرفه اتّفاقية حقوق الطفل أَو يعرفه القانون الإسرائيلي نفسه للطّفل الإسرائيليّ، كما وأنّها تحسب عمر الطفل الفلسطينيّ وقت الحكم وليس في وقت تنفيذ العمل النّضالي، كما جرى مع العديد من الأطفال الذين تم اعتقالهم خلال فترة الطّفولة، وتعمدت سلطات الاحتلال بإصدار أحكام بحقّهم بعد تجاوزهم سن الطفولة، نذكر منهم الأسيران عمر الريماوي، وأيهم صبّاح، كقضية بارزة تم متابعتها خلال السنوات القليلة الماضية، وسبق أن نُفّذ ذلك بحقّ المئات من الأطفال على مدار العقود الماضية.
فيما تُخضع الأطفال المقدسيين لأحكام (قانون الأحداث الإسرائيليّ)، وبشكل تمييزي، إذ تميّز بين الطفل الفلسطينيّ والطفل الإسرائيليّ عند تطبيق القانون، وتحرم سلطات الاحتلال الأطفال المقدسيين من حقوقهم أثناء الاعتقال والتّحقيق، بحيث أصبحت الاستثناءات هي القاعدة في التعامل مع الأطفال المقدسيين، وتُعتبر نسبة اعتقال الاحتلال للقاصرين المقدسيين كما ذكرنا سابقًا هي الأعلى مقارنة باعتقالات في بقية محافظات الوطن، حَيثُ يتم استهداف جيل كامل باعتقال العشرات منهم واحتجازهم بشكل غير قانوني، وإطلاق سراحهم، وإعادة استدعائهم للتّحقيق مرة أُخرى.
وشكّلت سياسة الحبس المنزلي والإبعاد عن المدينة المقدسّة “كعقوبة بديلة” أخطر السياسات التي خرج بها الاحتلال وتركت آثارًا واضحة على مصير الأطفال وكذلك عائلاتهم وحوّلت بيت العائلة للطفل إلى سجن، هذا عدا عن فرض الغرامات الباهظة على عائلات الأطفال، ووصلت عمليات التصنيف إلى احتجاز الأطفال المقدسيين في سجون وأقسام خَاصَّة، بعيدًا عن الأطفال المعتقلين من محافظات ومناطق أُخرى.
وإلى جانب ذلك من المهم الإشارة إلى أنّ ما بعد عام 2015م، شهدت هذه المرحلة تعديلات جوهرية على (قانون الأحداث الإسرائيليّ) وأبرزها تخفيض سن “العقوبة” للأطفال من عمر 14 عاماً إلى 12 عاماً، وهذا يعني أن المحكمة تستطيع محاكمتهم من سن 12 عاماً، إلا أنّ هذا لا يعني أن الفترات التي سبقت عام 2015م، خلت من عمليات اعتقال متصاعدة ومن أحكام جائرة بحق الأطفال، فقد شهدت السنوات التي تصاعدت فيها المواجهة، إبان انتفاضة عام 1987م، وانتفاضة الأقصى عام 2000م، عمليات اعتقال للمئات من الأطفال.
ويؤكّـد نادي الأسير الفلسطينيّ، أنّه وعلى الرغم من الجهود التي تواصل المؤسّسات الفلسطينية بذلها في متابعة قضية الأسرى الأطفال، إلا أنّ المنظومة الحقوقية الدولية لم تحدث اختراقا واضحًا يُفضي لوقف أَو خفض وتيرة الاعتقالات، والانتهاكات التي يتعرض لها الطّفل الفلسطينيّ، رغم المواقف الدولية المعلنة حيال هذه الانتهاكات.