حصارٌ خانقٌ على الأدوية.. العدوانُ يقتُلُ مرضى السرطان
المسيرة: منصور البكالي
يروي الحاجُّ علي الريمي، ذو الـ60 عاماً رحلتَه الشاقَّةَ مع مرض لوكيميا الدم CLL ورحلة البحث عن دواء Laukeran المكتوب له في رأس الوصفة الطبية من قبل الدكتور المختص.
ويقول الريمي لصحيفة المسيرة: بعد معاناة طويلة مع المرض والتنقل من مستشفى إلى آخر بين مستشفيات العاصمة صنعاء والرقود في العناية المركزة، تم تحويلنا مؤخّراً إلى مركز الأورام السرطانية في المستشفى الجمهوري للتأكّـد من الفحوصات التي أثبتت وجود مرض سرطان الدم.
ويتابع وبعد أن صرفنا كُـلّ ما نملك وندخر وما حصلنا عليه من القروض والمساعدات يكتب لنا الطبيب المختص اسم دواء ممنوع من قبل دول العدوان وهنا تكمن المشكلة ويزيد الألم وتتبخر الآمال بالشفاء.
صحيفة المسيرة أجرت نزولها الميداني للتأكّـد من وجود العلاج في مختلف الصيدليات المركزية والفرعية وفي مركز الأورام السرطانية فلم تجد أمامها غير خيبات الآمل وتأسف الصيادلة التي كانت عيونهم تقف عند اسم العلاج وتهتز رؤوسهم يمنةً ويسرةً ونظراتهم تقول: الله يعينكم للحصول على هذا العلاج غير الموجود في اليمن منذ فترة طويلة.
وفي زيارتنا لمركز الأورام السرطانية وجدنا المرضى في طوابير مزدحمة للحصول على الجرع الكيماوية والعلاجات المجانية وحالاتهم في تزايد وفق حديث موظفي الخدمات الطبية الذين اكتفوا بأخذ صور من الوصفات الطبية ورقم التلفون لعلهم يستطيعون مساعدة المرضى حال الحصول على الدواء.
أسلحة العدوان تضاعف المعاناة
ويقول مدير مركز الأورام السرطانية الدكتور عبدالله ثوابه: نستقبل عشرات الحالات الجديدة يوميًّا وخدمات المركز تواجه صعوبات في توفير بعض العلاجات التي يمنع العدوان الأمريكي السعوديّ دخولها إلى بلادنا.
ويضيف ثوابه في تصريحٍ خاص لصحيفة المسيرة خدماتنا مجانية لكل أبناء الشعب وحجم الضغوط علينا تزيد من يومٍ لآخر، والمركز يستقبل كُـلّ أبناء الشعب من مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية برغم وجود فروع لنا في الحديدة وإب وصعدة، ولهذا نواجه صعوبات في توفير الكثير من أنواع الأدوية والجرعات الكيماوية، ونحتاج إلى العديد من الأجهزة الإضافية، وهناك أجهزة تحتاج إلى صيانة وبعضها قديمة جِـدًّا.
ويتابع ثوابه منظمة الصحة العالمية لم تقُم بالدور المطلوب منها والمنظمات الإنسانية التي كانت تقدم لنا بعض الدعم سحبت دعمها بحجّـة أن الأمم المتحدة والدول المانحة لم تفِ بالتزاماتها تجاهها، مناشداً الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولي والصحة العالمية إلى توفير العلاجات الضرورية التي يحتاجها مرضى السرطان وتقديم الدعم للكادر الوظيفي.
ويقول ثوابه: من ضمن الصعوبات التي تعيق عملنا لإنشاء مركز كبير ومستقل للسرطان حاجتنا لتأهيل كادر طبي متخصص وتوفير مبنى يتسع لكل الحالات وكذا إنشاء فروع إضافية في مراكز المحافظات.
ويبين ثوابه أن الهيئة العامة للزكاة قدمت الدعم لبناء منشأة واسعة ومستقلة عن المستشفى الجمهوري ليتمكّن المركز من تقديم الخدمات للمواطنين بالشكل المطلوب، مؤكّـداً أن المناطق الأكثر انتشاراً لمرضى السرطان هي التي تعرضت لضربات الأسلحة المحرمة من قبل دول العدوان الأمريكي السعوديّ، لافتاً إلى تفشي الأورام السرطانية بشكلٍ مضاعف منذ بدأ العدوان والحصار.
ويوضح مدير مركز الأورام السرطانية أن المركز استقبل العام 2021م أكثر من 6 ألف حالة فيما يصل عدد الحالات هذا العام إلى 12 ألف حالة مع العلم أن بعض الحالات تتوفى قبل أن تصل المركز.
ويتابع منع العدوان الأمريكي السعوديّ لإدخَال بعض الأدوية الضرورية وإغلاق مطار صنعاء الدولي في وجوه المسافرين للعلاج في الخارج يضاعف نسبة الوفيات ويفاقم الحالات الأشد مرضاً ويعزز الشعور بالإحباط لدى بعض الحالات التي لا تثق بخدمات المركز.
ويشكر ثوابه اهتمام القيادة السياسية والثورية بمركز الأورام السرطانية وتقديمها للدعم المُستمرّ، مبشراً مرضى السرطان بوصول أجهزة حديثة وعلاجات متكاملة خلال الأيّام القادمة، وسعي القيادة لإنشاء أفضل مركز للأورام السرطانية على مستوى المنطقة.
ليس سلاحاً نووياً
دواء ليوكيران واحدٌ من عشرات الأدوية التي يمنع العدوان دخولها اليمن.. وهو ليس اسم سلاح نووي، أَو بيولوجي، أَو أحد أسلحة الدمار الشامل التي تتعمد قوى العدوان منع دخولها اليمن، بل هو اسم علاج لمرضى لوكيميا الدم الذين تتزايد أعدادهم بالعشرات يوماً تلو آخر، وهو من الأدوية التي لا بديل عنها ولا توجد شركة يمنية قادرة على تصنيعه حتى الآن، ولا توجد شركة منافسة أُخرى تستطيع إيصاله إلى اليمن المحاصر، بل هو سلاح بيد دول العدوان المتعمدة لمنعه كي تقتل أكبر عدداً من المرضى اليمنيين.
ويتخوف اليمنيون من تفشي مرضى السرطان؛ بفعل استهداف العدوان الأمريكي السعوديّ للشعب اليمني بجميع الأسلحة المحرمة دوليًّا، كما يثار تساؤل هام جِـدًّا: ما هي العلاقة بين استخدام العدوان الأمريكي السعوديّ للأسلحة المحرمة المسببة للسرطان وبين منعه لدخول هذا الصنف من الدواء؟ وما هو المقصود من وراء ذلك؟ هل يريد العدوان قتل من لم يتمكّن بقتلهم بالسلاح المباشر بمرضى السرطان الذي هو قتل غير مباشر بآثار أسلحته المحرمة؟ وهل هذا التعمد لمنع دخول هذا الصنف من الدواء جريمة حرب بحق الإنسانية تحاسب عليها دول العدوان وفق القوانين والمواثيق الدولية؟
أين هي المنظمات الإنسانية والحقوقية وأين هم الناشطون والناشطات والحقوقيون والحقوقيات حين يقتل العشرات من مرضى السرطان بشكلٍ يومي من أبناء الشعب اليمني ويمرض العشرات أَيْـضاً؛ بسَببِ آثار الأسلحة المحرمة ومنع العدوّ لشركات الأدوية بإدخَال هذا الدواء وغيره من الأدوية الممنوعة إلى اليمن؟
ويظل دواء Laukeran ليوكيران مُجَـرّد دواء واحد من عشرات الأدوية التي يمنع العدوان الأمريكي السعوديّ دخولها اليمن، لتستمر معاناة أبناء الشعب اليمني وتتفاقم حالاتهم المرضية ويكون من نصيبهم الموت بلا رحمة ودون أي صوت يعبر عن مظلوميتهم وجرم عدوهم الذي أغلق في وجوههم المنافذ الجوية والبرية والبحرية وزاد من تعسفاته بحقهم ليكون مصيرهم الموت قتلاً واختطافاً في المحافظات المحتلّة إن مروا بها أَو الانتظار لقطار الموت في مناطقهم ومحافظاتهم الممنوع مغادرتهم لها عبر مطار صنعاء للبحث عن فرصة علاج في الخارج.