يومُ الجلاء.. في ظل عدوانٍ واحتلالٍ جديد..بقلم/ إكرام المحاقري
علها جاءت في الوقت الذي شاءت لنفسها فيه الرحيل، تلك هي مناسبة الـ 30 من شهر نوفمبر المجيد، والذي كان فيه جلاء لآخر جندي بريطاني من الأراضي اليمنية جنوب اليمن حَيثُ شمخ اليمن منتصراً عزيزاً، وعاد المحتلّ من حَيثُ أتى منكسراً خائباً، لتغيب الشمس أخيرًا عن تلك الإمبراطورية الشيطانية التي قيل عنها بأن شمسها لا تغيب، فبقي النصر واندحر الغزاة دون رجعة.
لطالما حاول الاحتلال البريطاني إعادة الكرة في احتلال الأراضي اليمنية، بمختلف المخطّطات التي كان آخرها ما يسمى “التحالف العربي” للعدوان على اليمن، تحت مبرّرات ومزعوميات قام مجلس الأمن والمجتمع الدولي بتغطيتها وتمريرها تحت قضايا إنسانية كانت السبيل الوحيد لتواجد القوات الغازية في الأراضي اليمنية، خَاصَّةً تلك المحافظات الجنوبية التي تدنست بوجود المحتلّ من جديد.
من هنا بدأت بريطانيا بنهب الثروات وزرع الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية، وتجزئة المناطق اليمنية وتقسيمها ككعكةٍ بين أدواتها الأمريكية والصهيونية والخليجية المنبطحة، أما المرتزِقة اليمنيون فلم ينالوا من ذلك غير العار والهوان، فقد سقطت عنهم كُـلّ مواصفات الإنسان اليمني ليكونوا مُجَـرّد أدوات قذرة يتستر بها المجرمون على جرائمهم، لتأتي هذه المناسبة عاراً عليهم مقارنة بالماضي وما يعيشونه اليوم من ذُلٍّ وارتهان.
كذلك ما يعيشه الشارع الجنوبي من فتن وشتات وضياع للهُــوِيَّة اليمنية، والذين باتوا يعيشون تحت وطأة المحتلّ من جديد ما بين الارتضاء والإخضاع بالواقع المرير، فقد كانت العناوين الإنسانية مُجَـرّد خدعة ماكرة لاستهداف المواطنين والاستحواذ على جميع حقوقهم والزج بهم في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إلا أنهم يدافعون عن المتحلين الغزاة ويضحون بأنفسهم؛ مِن أجلِ احتلال بلدهم!! في ظاهرةٍ عجيبة، نتيجة لتغييب الحقائق وعدم الوعي السياسي والاعتبار من الأحداث الماضية ليس في اليمن فقط، بل في قائمة الخطوات العدوانية التي قامت بها تلك الدول في الكثير من المناطق في الشرق الأوسط.
فلا بد من عودةٍ إلى تاريخ الـ 30 من نوفمبر حتى يتسنى للجنوب العودة إلى حضن الحرية من جديد، فالمحتلّ اليوم هو ذاته محتلّ الأمس، حتى وإن اختبأت بريطانيا خلف الأمريكان والصهاينة وأدواتهم، إلا أن تلك الإمبراطورية ما زالت تلعب بالنار ليس في اليمن فقط، بل في البلدان العربية والإسلامية بشكلٍ عام، لذلك، يجب أن تعود هيبة المناسبة بشكلها الصحيح حتى يقف الجميع بشموخٍ يردّدون لن ترى الدنيا على أرضي وصيا، وهم أحرارٌ أباة، لا أقزام تحت أقدام المحتلّ، ويكونوا بذلك أضحوكة في التاريخ الماضي والمعاصر.
ختاماً: كما كانت الثورة في الـ 14 من أُكتوبر هي السبيل التي أوصلت اليمن إلى جلاء آخر جندي بريطاني، فالجنوب اليمني اليوم بحاجةٍ ماسة إلى ثورةٍ جديدة تقود إلى جلاء آخر جندي للاحتلال الجديد، وليس للثورة بديل في ظل العدوان والاحتلال.