ديسمبر.. وخريفُ الخيانة..بقلم/ دينا الرميمة
كل جرم قد يغتفر ويعفى عن مرتكبه إلا خيانة الوطن فَـإنَّها الفعل الذي لا غفران له؛ كونها تتسبب بمقتل وجرح وطن وشعب، فخيانة الوطن هي النجاسة التي لا طهارة منها وإن اغتسل صاحبها ألف ألف مرة فهي خيانة للعهد والولاء واقتلاع لكل معاني الانتماء للأرض وبيع للضمير والقيم بأرخص الأثمان ومتى ما قتلت جذوة الانتماء للوطن حينها فلا وطن لك ولا أرض ولا حق! فماذا عندما يكون خائن الوطن هو رئيس وقائد أعطاه الشعب ثقته ليكون هو المدافع الأول عنه وعنهم وما كان إلا أول من رشق هذا الوطن بحجارة الحقد والخيانة، لا شك أن هذا من أبلغ مصابات الأوطان وأعظم فجائعها،
وهو ما عاشته اليمن وعانت منه اليمن التي طعنت سراً وعلانية بخيانات طيلة ثلاثة وثلاثين سنة من قبل الرئيس القائد الذي ائتمنه الشعب على الأرض والروح فإذا به يصير العدوّ الحقيقي لليمن وهو الذي ما اعتلى كرسي الحكم إلا بالخيانة ليبدأ معه تاريخ حافل بالخيانات القاتلة التي يفاجئنا بها الزمن يوماً بعد آخر.
فمن تأمره مع النظام السعوديّ على الرئيس الحمدي الذي أراد أن ينهض باليمن بمشروعه الوطني فأغاظهم ذلك؛ كونهم يرون أن عز اليمن فيه دمارهم فأرادوها أن تكون حديقة خلفية لمملكتهم وجعلوا من أبنائها مُجَـرّد عمال على أراضيها لا قيمة لهم ووزن، كان همهم أن تصبح اليمن بلداً بدون قرار ولا سيادة لا نهضة ولا تقدم، تزرع فيه كُـلّ الفتن والنزاعات لذلك هم أوعزوا لعفاش قتل الرئيس إبراهيم الحمدي ليعتلي هو منصب الرئاسة ويكون كالدمية بأيديهم جعل لأجلهم من اليمن دولة فقيرة وقتل فيها كُـلّ مشروع من شأنه أن ينهض بالبلد.
ومن ثم قام بتسليم البلد للأمريكي يسيِّرها كيف شاء ويعبث بكرامة أبنائها ويقضي على أيةِ قوةٍ قد تقفُ في وجهِ مشروعِه الاستعماري حتى استطاع بخُبثه أن يجعلَه يسلِّمَه الأنظمة الدفاعية في العام ٢٠٠٥ ويقوم بتفجيرها حتى لا يكون هناك شيء يهدّد أمنه وبقائه في اليمن، ومن ثم رمى به إلى الحضن الصهيوني الذي لطالما سمعناه في خطاباته الرنانة يدعي عداوته له وبراءته منه وزوراً يعلن وقوفه مع الشعب الفلسطيني فاذا الأيّام تفضح مكنون ما كان يخفيه من العمالة والارتهان للكيان الصهيوني كما كشفت الوثائق التي أثبتت أن عفاش كان عميلاً مقرباً من إسرائيل وَكاد يودي باليمن للتطبيع المبكر معه لولا عناية الله التي حفظت اليمن من ذلك.
أما خلال سنوات العدوان فلم يكن موقفه سوى امتداد لكل تلك الخيانات ومواصلة لكل ما كان يطلب منه من قبل دول العدوان التي أرادت تقسيم اليمن وتجزئته إلى أقاليم ومن بعد فشلها في ذلك شنت الحرب عليه وكان عفاش وكعادته يتظاهر بالوطنية ويدعي أنه ضد العدوان بينما كان هو اليد الطولى للعدوان يقوم بتشويه سياسة أنصار الله عبر الطابور الخامس من أتباعه الذين زرعهم في كُـلّ منطقة وحارة وعبر أوكار الفساد الذين جندهم في مفاصل الدولة يخربون كُـلّ ما يتم إصلاحه في سبيل معالجة ما تعانيه الدولة من فساد جذوره عمرها عمر نظام عفاش، وغالبًا ما كان عفاش ينسب كُـلّ الانتصارات التي يحقّقها رجال الله في الجبهات لنفسه بينما كان هو العين اللعينة للعدوان داخل اليمن وعبر ابنه أحمد المقيم في دولة الإمارات والمدعى أنه محتجز بينما هو حلقة الوصل بين العدوان وأبيه.
ولكن بلا شك فالخيانة مهما استمر أمدها فلا بد لها أن تنفضح والخونة مهما تستروا بالوطنية وارتدوا رداءها الناعم فلا بد من يوم ينقشع عنهم ذاك الرداء الأملس ويظهر ما تحته من عفن طالما وهناك من الرجال اليقظين الذين خصهم الله بحكمته.
فجعلهم يرقبون تحَرّكاته ويرصدون كُـلّ أعماله إلى أن وقع في فتنة ديسمبر من العام ٢٠١٧ والتي جعلته يدعو الشعب لهبة ضد حماة الأرض والعرض ظناً أن خطابه ودعوته إليهم سيجعلهم ينتفضون ويثيرها حرباً أهلية تقضي على الأخضر واليابس فإذا به يفاجأ بشعب واعٍ لا تغريه الخطابات شعب عرف عدوه الحقيقي وفطن لكل أساليب الخونة فتجمعوا ضده ورفضوا نداءاته إلى أن قضى نحبه خائناً ذليلاً يجر أذيال خيانته وعمالته ولعنات تلاحقه إلى يوم القيامة.