لماذا نحيي ذكرى الشهيد؟ بقلم د/ شعفل علي عمير
قال تعالى (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ أن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) عندما ذكر اللهُ بأن الجهادَ خيرٌ لنا فهو -سبحانَه- يعلم بأن الأُمَّــةَ إذَا تركت فريضةَ الجهاد فَـإنَّها قد استبدلت في واقعها الخير بالشر وهذا ما جسّدته الأحداثُ، فكان البديلُ لتلك المجتمعات التاركة فريضة الجهاد هو الشَّرَّ الذي تعرضت له من أعداءِ الأُمَّــة وأدواتهم.
وهنا نستذكِرُ تضحياتِ الشهداء ويجبُ أن نعيَ الهدفَ الذي لأجلِه قدموا أرواحَهم رخيصةً، وما البديلُ لو أننا لم نقدم هذه التضحيات فهل سيكون حالنا أحسنَ أم سنعاني ونلقى من الويلات ما لقيه غيرُنا ممن ارتهنوا للمحتلّ فجعل من مجتمعهم ساحاتٍ للإعدامات الجماعية ومكاناً لممارسات كُـلّ أشكال القهر والذل الذي لم يستثنِ أحداً حتى المحايد الذي لم يستشعر مسؤوليته الدينية والأخلاقية التي تحتم عليه الوقوف ضد من يعبث بوطنه وشعبه ولم يستشعر خطرَ أن يقف محايداً فكانت الضريبة التي دفعها ليس استعباده فحسب، بل إنه خسر فوق هذا كله كرامته ثم القتل الجماعي لكل المحايدين، أليس الأولى أن يقتل شهيداً وهو يدافعُ عن وطنه ويذودُ عن دينه وشعبه؟
هناك دروسٌ يجبُ أن نستوعبَها، فعندما دخلت جماعات الإجرام بلاد الرافدين رأينا من أعمالهم ما يؤكّـد حتمية أن نكون مجاهدين، رأينا البديل المرعب، فنحن أمام أعداء لا يلجمهم إلَّا منطق القوة، أعداء لكل قيم الدين والأعراف الإنسانية ولو أننا لم نجاهد فَـإنَّ أدواتِ المحتلّ التي استهدفت العراق هي نفسُها التي كانت متجهة إلى اليمن للعبث بدماء اليمنيين وسلبهم حريتهم وكرامتهم، فدماء الشهداء هي التي حمت الشعبَ اليمني من مجازر داعش وهي التي سقت الأرض عزة وكرامةً، فكانت الطوفان الذي جَرَفَ جحافلَ الغزاة، وهي الكفيلة بحماية السيادة وحفظ ثروات الشعب من نهب وسرقة المحتلّ.
عندما تُسقى الأرضُ بدماء الشهداء تكونُ أرضاً مقدسة؛ لأَنَّها ارتوت بدماء من قال الله عنهم: (وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولئك مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئك رَفِيقًا).
ألا يستحق هؤلاء العظماء أن نُجِلَّهم وقد رفعهم إلى منزلة عظيمة بجوار الأنبياء والصديقين؟، فما ننعم به من أمن وعزة كان بفضل تلك الدماء المقدَّسة التي سُفكت لننعمَ بحياة كريمة ونعيش بكرامةٍ، فجزاهم الله عنا كُـلّ خير.