العظماءُ الأحياء..بقلم/ صالح مقبل فارع
نمر في ذكراهم، فنتذكر مواقفهم ومجالسهم وأحاديثهم، وضحكاتهم، ولكنهم مضوا إلى الله، إلى مكان أفضل وأشرف وأرقى من مكاننا الذين نحن فيه.
لا أقول سقطوا على الأرض، ولكنهم ارتقوا إلى السماء، إلى درجات العُلى، إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
مقعد ويا له من مقعد.. يتمنون أننا معهم، وبرفقتهم.
كنا نحسبهم شباباً عاديين، لا يتميزوا عنا بشيء، مثلنا؛ لأَنَّهم بسيطون في حياتهم، ولكن لم نكن نعلم أنهم أعظم منا رتبةً، وأشرف درجة منا، وأفضل مقاماً عند الله منا. لم نكن نعلم أنهم المصطفون الأخيار عند الله، والمختارون بعناية من قِبل البارئ.
لم نعلم صدقهم وإخلاصهم واصطفاءهم إلَّا بعد رحيلهم عنا.
نعم إنهم الشهداء الأحياء، الذي منعنا الله أن ننعتهم بالأموات، بقوله: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون)، وقوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ إلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وأن اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ. الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ أن النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَـانا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران:169-173]، صدق الله العظيم.
هؤلاء هم المؤمنون الصادقون، كما قال عنهم الباري ذلك، ولا زال أمثالهم موجودين بيننا ولكن لا نشعر بهم، يوجد بيننا شباب مشاريع شهداء، لم يبدلوا ولم ينكثوا، ولم يخدشوا الاصطفاء بأي معصية، قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب:23].
إنهم شبابنا، أبناؤنا، إخواننا، أحفادنا، وأصحابنا.
هم الذين كنا نتكلم عليهم.
هم الذين كنا نحتقرهم يوماً ما.
هم الذين كنا لا نعطيهم حقهم.
هم الذين كانوا يقابلون غضبنا بابتسامة.
هم الذين كانوا يمشون بيننا.
هم ملائكة الله على الأرض.
هم شبابنا الذين أبَوا إلَّا اللحاق بركاب الشهداء في جبهات العز والكرامة.
هم الذين أبوا الضيم والخنوع والذل، واختاروا الحرية والعزة، لهم وللشعب اليمني كاملا.
هم الذين مشوا في هذه الطريق رغم المخاطر، غير آبهين بالموت.
هم الذين جندوا أنفسهم من أول لحظة للدفاع عن الوطن، متنقلين بين الجبهات من جبهة إلى جبهة باحثين عن الارتقاء والكرامة.
هم الرجال الصادقون الذين قضوا نحبهم؛ مِن أجل عزتنا، واختاروا مرافقة الأنبياء والملائكة.
هم الذين بنوا دولة العز والشموخ.
وحباً وتكريمًا لهم فقد جُعل هذا الأسبوع أسبوعا لهم ولذكرهم، وللاهتمام بأُسَرهم، وذكرى سنوية نقيمها فيهم وفي مبادئهم لنجدد العهد الذي قاتلوا مِن أجلِه.
فصلواتُ الله عليهم ما دار الليلُ والنهار.