دماءُ الشهداء لن تهدأ..بقلم/ محمد أحمد البخيتي
رغم الدعوات المتكرّرة من قبل حكومة صنعاء وقيادة الثورة لمن تورطوا في الخيانة والارتزاق للعودة إلى حضن الوطن كفرص منحت مراراً وَتكراراً لمراجعة ضمائرهم ومحاولات تكرّرت؛ لإنقاذهم من طوفان دماء الأبرياء التي سفكتها طائرات التحالف السعوديّ الإماراتي وأسلحة الدمار الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية والكندية وَالفرنسية وكل الأسلحة التي استخدمت طوال الحرب العدوانية التي لم تستثن لا بشراً ولا حجراً ولا أرضاً ولا إنساناً، بل استهدفت الجميع رجالاً ونساء وشباباً وكهولاً في البيوت والمستشفيات، وفي صالات الافراح والعزاء وجميع والمناسبات، وفي وسائل النقل وعلى مختلف الطرقات، إلَّا أن القادة السياسيين والعسكريين وأصحاب الأقلام من الإعلاميين والصحفيين التابعين لكل أحزاب الخيانة ومليشيات الارتزاق لم يستغلوا فرص السلام غير آبهين بالتبعات ولا بقواعدهم الشعبيّة التي تم إقحامهم في جرم الوقوف مع العدوّ التواقين للسلام والمطالبين بتوحيد الصفوف لطرد قوات تحالف الاحتلال، خُصُوصاً أُولئك الذين أدركوا أنهم لم يكونوا سوى حطبٍ لمحارق الموت في الدفاع عن المحتلّ وعن المصالح الشخصية للنافذين من أحزابهم الذين تتكشف مِلفات فسادهم ورفاهية أولادهم وهرم الارصدة المالية التابعة لهم يوماً بعد يوم كحالة لا يمكن تحليلُها وتصرفاتٍ لا مسؤولة لا يمكن تفسيرها.
إما أن يكون أصحابُها ممن انبهروا بكيانات الزجاج الطارئة متناسين الحضارة اليمنية الضاربة في جذور التاريخ والتي تحكي عن اليمن كأصل للعروبة ومنبع للرجال، وإما أن يكونوا من أصحاب التوجّـهات المادية ولو على حساب دماء البسطاء التي تقوم بحشدهم لتجنيدهم خدمةً للأعداء مقابل الفتات من المال السعوديّ والإماراتي، متناسين أن ما يسلم لهم ليس إلَّا جزء لا يتجزأ مما يتم نهبه من ثروات النفط والغاز والمعادن ومن الآثار اليمنية المسروقة التي تعرض للبيع بدول أُورُوبية، وبولايات من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تورد عائداتها للبنوك السعوديّة، وتظهر قطعها وكنوزها المسروقة في المتاحف الإماراتية.
وإما أن يكون أصحابها ممن يجهلون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وملاحم البطولات التاريخية التي تحكي عن اليمن كمقبرة للغزاة وعن اليمنيين كأولي البأس الشديد وبلاد الحكمة والحنكة والقتال والإيمَـان والمدد لإنقاذ أُمَّـة الإسلام.
ومن لم تعلمه كُـلّ هذه الآيات وملاحم البطولة والروايات عليه مراجعة الأحداث والمتغيرات التي حصلت طوال حرب الثماني السنوات وما تواكب معها من شدائد وجرم وصعوبات ليدرك أن اليمنيين يحولون المحنَ إلى منح والصعوبات إلى فرص لبناء الذات وتطوير القدرات.
عليهم أن يتذكروا تسلسل الأحداث وكيف كانت بداياتها وكيف أصبحت خواتم أيامها ليدركوا أن الغزاة والمعتدين على اليمن وعلى مر العصور عليهم فقط رسم البدايات وأن اليمنيين فقط هم من يرسم النهايات.
وليدركوا أن الإرادَة اليمنية الصلبة تأبى الضيم والخنوع والاستسلام متذكرين ما اختزلته ذواكرُهم من صور للعروض العسكرية والأمنية السابقة التي تزامنت مع أَيَّـام الهُدنة مسترجعين لحجم القوات التي لم تكن إلَّا جزءًا من قوات وزارتي الدفاع والداخلية وما استطاع حصرُه من طائرات مسيرة وصواريخ نوعية، متوقعين ما تم التحفظ عنه من قبل القوات البرية والبحرية والجوية وآخر ما توصلت إلية الأسلحة اليمنية من تقنيات حديثة كعناصر للمفاجئات.
ليعرفوا أن ما قاله قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليس للاستهلاك الإعلامي، بل ناتجٌ عن إيمَـان بالحق اليمني، وتجسيدٌ لعزيمة اليمنيين، وتعبيرٌ عن ما تتوق إليه قلوب المجاهدين الأبطال الميامين الرافضة لتمادي الأعداء والساخطة لواقع (اللاحرب واللاسلم)، كمؤشرٍ لتصعيد عسكري أو اقتصادي قادم ناتج عن تفويت المرتزِقة والأدوات ودول التحالف وعلى رأسها السعوديّة والإمارات فرصةَ السلام الأخيرة التي حالت دماء الأبرياء دون نجاحها؛ لأَنَّ دماء المظلومين لا تهدأ حتى تطهَّرَ الأرض ممن قام بسفكها.
وتزامناً مع أسبوع الشهيد فَـإنَّه حان الوقتُ لتحقيق الأهداف التي رسمها طوفانُ دماء الشهداء التي تأبى السكونُ حتى يُسقى الأعداء ومن ساعدهم أَو تحالف معهم أَو دار في فلكهم من الكأس الذي أُسقي منه الأبرياء ظلماً وعدواناً كاستكمالٍ لأمانة الشهداء وتنفيذٍ لوصاياهم الأخيرة التي تأبى دماؤهم إلَّا أن تكون طوفانَ لحسم عسكري ضد الظالمين وانكساراً لشوكتهم أبد الآبدين.