الشهادةُ عطاءٌ يستحقُّ العطاء..بقلم/ أيوب أحمد هادي
حين نتذكَّرُ الملاحمُ التي مر بها الشهداء وأعطوا فيها عطاءَ مَن لا يخشى الموتَ في سبيل الله فَـإنَّ أقلامَنا تقفُ عاجزةً عن تمرير خطوطها لوصف ذلك العطاء الذي استحقوا عليه نيل الدرجات العلى بين النبيين والصديقين.
الشهداءُ وتضحياتهم التي قدموها في سبيل الذود عن أعراضنا وأراضينا تهون دونَها كُـلُّ التضحيات فمهما حاولنا أن نخوضَ في وصفها بمختلفِ العبارات وبأرقى أساليب البلاغة فَـإنَّنا لن نستطيعَ أن نصيغَ جُمَلاً لتلخيص تلك التضحيات.
يعلِّمُنا الشهداءُ بتضحياتهم دروساً وعبراً يصعُبُ علينا فهمُها جيِّدًا؛ لأَنَّ تلك الدروس لا يعيها سوى العظماء الذين يدركون معنى الشهادة في سبيل الله ويدركون حقاً معنى الحياة الحقيقية الخالدة؛ لأَنَّ الشهداء حين يسقطون في سبيل الله فهذا لا يعني الموت؛ لأَنَّهم حين يسقطون في سبيل الله شهداءَ فَـإنَّ سقوطهم يعني الارتقاءَ بجوار الله وبداية حياة جديدة لنيل شرف المقام الأعلى في الجنة.
حين ننظر إلى قادتِنا العظماء فَـإنَّنا نجدُهم في مقدمة الشهداء، وهذا الأمر يعني أن الشهادةَ لا تعطى إلَّا لمن يستحقُّ أن يعيشَ حياتَه الأُخرى بجوار الله، فقادتنا ترفّعوا عن كُـلّ الملذات في حياتهم الدنيا وتركوا كُـلَّ المناصب العليا والمسميات الوظيفية العالية والرتب الرفيعة؛ لأَنَّهم لا رغبةَ لهم فيها فهي زائلة ليست خالدة، فرغبتُهم الوحيدة هي في ما عند الله؛ لأَنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى.
واجبُنا تجاه هؤلاءِ العظماء هو السيرُ على نهجهم والاقتدَاءُ بهم والاهتمامُ الكبيرُ بأسرهم وأهليهم في كُـلِّ الأوقات وليس تزامناً مع أسبوع الشهيد؛ لأَنَّ الشهداءَ ضحوا بأرواحِهم لنعيشَ نحن في عزة وكرامة وحقيقٌ بأسرهم أن تحظى بهذه العزة والكرامة من خلال المتابعة المُستمرّة لهم وتلمس احتياجاتهم وتوفير كُـلّ المتطلبات لهم، فهذا أقل واجب يمكن أن نقدِّمَه لتلك الأسر؛ تكريماً لهم، فالعظماء لا ينجبون سوى العظماء.