الخـارطةُ الربانية..بقلم/ كـوثر الـعزي

 

الشهادةُ وسـامُ عطاء لا ينـاله إلَّا ذُو حظ عظيم لا يليقُ إلَّا بمـن اتبـع الطريق المحـمـديــة واقتفاء آثـارهـم وسار عـلى الخُطى، وجــعل نفسـه فداء لـدين الله كـالإمام علي بن أبي طـالب -عليه السلام- حين قال: “أفي سلامةً مـن ديني لا أبالي”.

مـن جعـل حيـاتـه كـحيـاة الإمام زيد يوم نادى في مجـلس هشام غير مرتهب مـن ظلم وتجبر بني أمية، الشهادة وعـدٌ لمـن يثبـت في أرض القتـال، ولا يتـخـلف عـن المـعركـة، والشرود أثـنـاء المـواجـهة بل الثـبات كــالإمام العباس بالصبر والتضحية رغـم ما به من العطش والتعب.

لـن يرتقي أحـد شهيداً حتى يــعرف مـعـنـى كلمـة الله ويفهـم وعـد الله، ووعيده.

فـالشهيد تحَرَّك تحَرُّك الـحسين بـأرض كـربلاء، حمـل قضيـة الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين، وركب السفينة النبوية التي يقودها في عصرنـا السيد القائد العـلم عبدالمـلك الحـوثي، تحَرَّكَ تحَرُّكَ الـفرسان، تحَرَّك تحَرُّكَ الأبطال الأشاوس، تقدم واجتـاح، قـاتـل، وباسل أنفق وتصدق، ودعـاء الله وصدق مـع الله، والله صدق مـعـه، فالشهادة منحـةٌ إلهية نـالها مـن ثبت في الاختبار الإلهي “الجبهات”.

الشهـداء حمــلوا سلاح الإيمَـان في قلوبهـم قبـل أن يحمـلوا سـلاح الحديد بأيديهـم، تدبـروا، تعـمقوا، أبحـروا، في بحـر القرآن غاصوا حتى وصلوا للـؤلؤ المكـنون، والخارطة الربانية، كتبت بآيات الله فيها يوجد كنـز الآخرة جنـات عــدَّنٍ تـجري مـن تحتهـا الأنهـار، فهنيئاً لمـن مسكـوا تـلك الخارطـة الـربانية، وبدأوا حيـاة الجـهاد وساروا عـلى دستور الفرقان وسلكـوا دروب الأحرار، وعـلى نهـج آل البيت عبّدوا طريق الجـهاد والاستشهاد.

ربمـا تمكثُ أعواماً، أَو أشهراً، أَو أَيَّـاماً، وربمـا البعض ما زال لليـوم يتدبر تـلك الـخارطة، وبدأ بالتحَرّك، والبعـض ما زال عـلى ضِفاف ذلك البحر ينتظـر تـلك الـخارطة تـأتيه، وربمـا لـم يسمـع بالخـارطة التي تتـواجد في أعمـاق ذلك البحــر، لـو أن الجـميع عـلم بهـا وبمكـانتها في الآخرة، لو عـلم أين سيحشر؟ ومـع مـن سيحشر؟ أَو مع مـن سيعـيش حياتـه الأبدية؟ جـوار مـن؟ ومـع من؟ وعند ضيافة من! وكيف سيقضيها بجـوار الأنبياء والصديقين وحسن أُولئك رفيقاً، لكـان من السابقين ليكـن حينهـا مـن المـقربين.

فلا تصدق مـن يخيفـك من ذلك البحـر الإلهي، ويُرهبك من الجـهاد في سبيل الله، فبحـر القرآن لا يوجد داخله مـا قد يـؤذيك، وإنمـا يوجد ما يـريحك مـن هـمّ الدنيـا وينجيك من عذاب الآخرة.

لو علمتم فضل الشهادة في سبيل الله، لانطلق الصغير قبـل الكبير، لـزرعت شجرة الشهـادة في الأعمـاق كـما يـزرع الـورد والريحـان في أرض الجـنتين.

لـو أننا نـعـلم مـعنـى كلمـة الشهيد وعظمـة الشهيد، ومـنزلـة الشهيد، لانطلـق كُـلّ شخص، كُـلّ فرد، لأصبح رجــال الـوطن العربي كـلـهم شهـداء.

الشهداء هم من سـلكـوا درب أئمـة أهل البيـت -عليهم السلام-، وساروا على طريق الشهيد الـقائد، ونهجوا نـهج الصمـاد، ومضوا على نـهـج سليماني والمـهندس، لو علمتم عظمتهم وقداستهم، لاتبـعتم طريق كُـلّ شهيد سقط في أرض المـعـركـة.

فكلمـة شهيد رغـم قلـة حـروفهـا إلَّا أنـهـا تحمـل مشاعر جياشة لـمن عرفهـا حق المـعرفة، رغـم بساطة الكـلـمة إلَّا أن الله أعـد للـشهيد مقـعدَ صـدقٍ عند مليكٍ مـقتدر ومــعاشرة النـبيين والصالحين.

الشهـادة تـجـارة لـيست كبقيـة التـجـارات، لا تستطيـع المـكر فيـها؛ لأَنَّك تتاجـر مـع رب العباد، مـع مـن قال: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).

فتجـنب هذا المكر، لتلقى الله مجـاهداً مـخلصاً.

وصـدق الله حــين قـال: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).

اليمـن أصبحت روضـة الشهداء وإنَّ العـالم ليترقب عـن قـريب يـوم يكتب عـلى بـاب المـندب هنـا أرض الشهـداء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com