أمريكا في مهبِّ العاصفة.. بقلم/ رفيق زرعان
لطالما خاضت الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الحروب والصراعات، وخرجت منها منتصرة، إلَّا في بعض الحالات النادرة جِـدًّا، كحربها في فيتنام مثلاً، وكانت تخرج من كُـلّ تلك الحروب بهيبةٍ أكبر وطموحاتٍ أكثر، وأخضعت جميع خصومها ومنافسيها شرقاً وغرباً، وحالت بينهم وبين تفوقهم عليها.
وبفعل تفوقها العسكري والاقتصادي وتحالفاتها الكبيرة تمكّنت من السيطرة على مركز القرار العالمي والاستفراد به لفتراتٍ ليست قصيرة، حتى ظن البعض أنها ستدوم إلَّى ما لا نهاية، متناسين أنه لا يمكن أن يتحقّق ذلك، فلكل أُمَّـة أجلٌ لا يمكن أن تتجاوزه، وهذه سنة تعاقبت على مرّ العصور والأزمنة.
في هذه المرحلة ظهرت ملامح وبدايات أفول عصر أمريكا لعدة أسباب داخلية وخارجية، وكان للأسباب الداخلية أثرٌ كَبيرٌ في ذلك السقوط، في مقدمها تآكل المجتمع الأمريكي وانقسامه وظهور العنصرية بشكلٍ ليس له مثيل، إضافةً إلى جائحة كورونا والتدهور الاقتصادي الذي نتج عنها، أما الأسباب الخارجية فمنها ظهور منافس اقتصادي في الشرق هو الصين، ومنافس عسكري في الغرب هي روسيا، وكذلك تصاعد قوة محور الجهاد والمقاومة وتوسعها، وكان لهذا التصاعد والتوسع الإسهام الأكبر بين كُـلّ تلك الأسباب.
إن اجتماعَ تلك الأسباب الخارجية وتزامنها تمثل حصاراً للولايات المتحدة الأمريكية من كُـلّ الجهات، فشبح الاقتصاد الصيني يقفز على الدولار ويدوسه تحت قدمه، والدب الروسي يغرس خنجر الموت في نحر أُورُوبا بكل ما تمثله أُورُوبا من عمق استراتيجي لأمريكا، ومحور الجهاد والمقاومة يحكم قبضته على أهم المناطق على كوكب الأرض (الشرق الأوسط) ويتربع على ممراتها المائية الهامة، وكل هذه العوامل مع تلك الأسباب تعلن أفول العصر الأمريكي إلى غير رجعة، وولادة العالم الجديد الذي سيكون فيه لمحور المقاومة مكاناً متقدماً فيه.
من المهم الإشارة إلى قضيةٍ هامة وهي أن سنة الله مع الظالمين تقضي أن يكون هلاكهم على أيدي المؤمنين المستضعفين، كما حدث مع فرعون وقوم موسى، وهذا يحتم علينا الاستعداد والإعداد لهذه المرحلة جيِّدًا في كُـلّ المجالات، وفي مقدمها الاكتفاء الذاتي، واكتساب الوعي والبصيرة، فالصراع لم يعد مقتصراً على السيف والنار.