أين تذهبُ عائداتُ وإيراداتُ الدولة؟..بقلم/ الشيخ عبدالمنان السنبلي.
سؤالٌ أسمعه كَثيراً هذه الأيّام: أين تذهب عائدات وإيرادات الدولة؟
سأخبركم أين تذهب.
تعالوا نحسبها بالأرقام..
طبعاً لا يوجد أحد لم يسمع عن حرب صيف 94.
هل تعلم أن هذه الحرب، والتي لم تدم طويلاً (حوالي ستين يوماً فقط)، قد كلّفت خزينة الدولة يومها، وبحسب ما تم الإعلان عنه رسميًّا طبعاً، حوالي 11 مليار دولار أمريكي؟! أي ما يعادل ميزانيةَ الدولة يومَها لسنتين كاملتين بالتمام والكمال..
تخيَّلوا لو أن هذه الحربَ كانت قد امتدت لثماني سنواتٍ كاملة أَو يزيد..
برأيكم، كم كانت ستكلف خزينة الدولة؟
وهل كان بمقدور خزينة الدولة يومَها أصلاً أن تصمُدَ أَو تقوى على دفع وتغطية جميع نفقات وتكاليف هذه الحرب طوال هذه المدة (ثمان سنوات)؟
مستحيل طبعاً.. بل هو من سابع المستحيلات!
موارد اليمن وعائداتها بما فيها عائدات النفط والغاز في الحقيقة لا تستطيع أن تؤمِّنَ نفقاتِ وتكاليفِ مثل هذه النوع من الحروب الطويلة.
يعني إذَا كانت العراقُ وإيران، وهما الدولتان الغنيتان، قد خرجتا من حرب الثماني سنوات مثقلتَين بمئات مليارات الدولارات من الديون، فما بالُكم باليمن الفقير ومحدود الموارد؟!
أضف إلى ذلك أنه لم يكن هنالك في حرب صيف 94 لا عدوانٌ أجنبي مباشر ولا تحالفٌ عربي أَو تمالؤ دولي ولا قوات أجنبية ولا إف 16 ولا أباتشي ولا أقمار صناعية ولا حصار ولا أي شيء من هذا القبيل!
كان القتالُ يدور بين يمنيين فقط!
الآن وبإسقاط كُـلّ ذلك على العدوان الدائرة رحاه اليومَ على اليمن..
ها هي الحربُ وقد أوشكت اليومَ على دخول عامِها الثامن وفي ظل عدوانٍ أجنبيٍّ غاشم تقودُه أغنى دولتين في المنطقة وفي ظل حصارٍ مطبق و…، برأيكم، هل يصح أن نسأل:
أين تذهب عائدات وإيرادات الدولة؟
أم الصحيح هو أن نسأل:
من أين وكيف استطاعت اليمنُ وعلى مدى حوالي ثماني سنوات تأمينَ نفقات وتكاليف هذا الصمود ومواجهة هذا العدوان والحصار؟
بصراحة ما قام به اليمنيون في هذا الجانب يعد بكل المعايير بمثابة المعجزة!
أن تواجَهَ دولاً من أثرى أثرياء العالم وأقوى أقوياء المنطقة بموارد وإمْكَاناتٍ شحيحة ومحدودة، فأنت بهذا كمَن يصنعُ المعجزة!
فما هي هذه الإمْكَاناتُ والمواردُ الشحيحة والمحدودة التي مرّغ اليمنيون بها أنوفَ المعتدين في الوَحْلِ يا تُرى؟
أليست هي عائداتُ ومواردُ الدولة المتاحة والممكنة والتي ما فتئ الكثيرون يتساءلون لؤماً: أين تغدو وأين تروح؟!
صحيحٌ الناس تعاني.
وصحيح أَيْـضاً أنه قد يكونُ هنالك بعضُ حالات الفساد الفردية هنا أَو هناك والتي بدورها تستفزُّ الناس حيناً وتثيرُهم حيناً آخر، ولكن هذه هي الظروف!
فنحن أمام أمرَين أحلاهما مُرٌّ:
إما أن نعاني ونصبرَ حتى تنتصرَ اليمنُ وإما أن نُسَلِّمَ للأجنبي ونُسلِمَ أنفسنا لمعاناةٍ أشدَّ وأكبرَ.. وما غزوُ العراق بدعوى تحريرها وجعلها (أُنموذجاً) في المنطقة عنا ببعيد.