هل تغسلُ الرياضة جرائم الإرهاب والإبادة الجماعية؟ بقلم د/ حبيب الرميمة
منذ ثورات ما يسمى الربيع العربي 2011م، شهد العالم خُصُوصاً منطقة الشرق الأوسط عنفاً حاداً وبروز فواعل متطرفة استغلت بشكلٍ أَو بآخر عدد من العوامل سواءً الأوضاع الداخلية أَو الدعم والتحريض الخارجي في تفتيت دول بعينها باسم شعارات الحرية والمدنية، والتي سرعان ما تحولت كثير منها إلى جماعات مسلحة مدعومة من دول لم تكن دول الخليج بمنأى عنها في سوريا واليمن وليبيا وتونس ومصر، حتى وصل الحال أن يتم إيكال ملف هذه الدولة لدولة خليجية معينة وملف تلك الدولة لدولة خليجية أُخرى، بشكلٍ أقرب إلى عقود مقاولات، وهذا الأمر لم يعد خافياً مع ما كشفه القطري حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء ووزير خارجية قطر-السابق- في أحد مقابلاته التلفزيونية حول تدمير سوريا والمبالغ الخيالية التي طلبها بندر بن سلطان آل سعود-رئيس مجلس الأمن الوطني السعوديّ للفترة من (2005م، إلى حين إلغاء المجلس في 2015م) مقابل تسليمه الملف لإسقاط النظام هناك.
في كُـلّ الأحوال لم تكن تلك العقود التي تضطلع بهذه المهمة تنهج أُسلُـوب الثورات الملونة التي اعتيد عليها كما هو الحال في أُورُوبا أواخر القرن الماضي، وإنما كما قلنا شهدت دعم جماعات إرهابية، ارتكبت جرائم بحق الملايين من أبناء العراق وَسوريا وليبيا واليمن وَتونس، بما يشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدولي، وأصبحت تلك الدول خُصُوصاً (السعوديّة والإمارات) يشار إليها بالبنان في التقارير والمحافل الدولية بدعمها لحركات إرهابية وارتكابها جرائم إبادة جماعية وَجرائم حرب، بلغ ضجيج العالم ذروته بالجريمة التي ارتكبت بالقنصلية السعوديّة في إسطنبول بحق المواطن جمال خاشقجي، وجرائم الإبادة الجماعية بحق أطفال ونساء اليمن طوال الثمان سنوات الماضية والتي بلغت عشرات الآلاف من الجرائم والتي لا تكاد تخلو مديرية من مديريات اليمن منها.
ولأن كلفة دعم الإرهاب؛ باعتبارها تعد إخلالاً بالالتزامات الدولية، وما تقرّره قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن امتناع الدول عن دعم وتمويل الإرهاب، تمثل كلفة باهظة ومجالا خصبا للابتزاز الرأسمالي الغربي لتلك الدول من ناحية، وما أصاب سمعة تلك الدول من خدوش كبيرة في وجدان الشعوب، قد يمتد إلى أجيال متعددة، والفاتورة الباهظة التي ينبغي أن تدفعه من خلال الملاحقات في المحاكم الدولية، يبدو أن تلك الدول تحاول أن تغسل يداها من بوابة الرياضة والترفيه بتنظيم الأحداث العالمية، واستقطاب مشاهير عالميين في مجال الرياضة والترفيه، لكن هذه المغاسل لا تستطيع محو جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب سواءً من ذاكرة الشعوب أَو من حبر أوراق الدعاوى أمام المحاكم الدولية والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان، ذلك أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم، طال الزمن أَو قصر.