السيدةُ الزهراء في واقع المرأة اليمنية.. بقلم/ أمة الملك الخاشب
عندما تحيي المرأة اليمنية اليوم العالمي للمرأة المسلمة وهو ميلاد السيدة الزهراء عليها السلام بضعة المصطفى صلوات الله عليه وآله وروحه التي بين جنبيه فهي تعيش معاني هذه المناسبة من واقع جهادي فيه من الأحداث والشخصيات ما هو شبيه بما مرت به السيدة الزهراء، فكثيرات اليوم في الواقع لم يكن يعرفن شيئاً عن السيدة الزهراء سوى اسمها إن لم يكن حتى يجهلن اسمها وكنيتها، وأحداث كثيرة غيبها التاريخ عمدا عن حياة سيدة النساء وغيرها من الشخصيات العظيمة التي قام الدين على تضحياتهم وإخلاصهم حتى تم الحفاظ عليه ليصل الينا وإن كان وصل إلينا ناقصا كما قال الإمام الخميني رضوان الله في عبارته الشهيرة (لم يصل الينا الإسلام سوى جسد بلا رأس)
فكيف أحيت المسيرة القرآنية ذكر هؤلاء الأعلام والرموز في النفوس وكيف أعادتهم للواجهة ليتصدروا النماذج الإسلامية التي يجب أن تحتذى وترمز لتكون منهلا وقُدوة لكل من يبتغي طريق العزة والحرية والكرامة التي أرادها لنا الله تعالى لنكون خير الأمم التي أخرجها الله للناس في هذه البرية.
انها مسيرة حق إلهية مترابطة متكاملة فلا تكتمل خطوات الوصول اليها دون أن نمّر بكل تفاصيلها من أَسَاسها وحتى أعلى سلمها وهو الوصول لأعلى درجات الكمال الإنساني وأعلى وأكمل مراتب الإيمان التي طلبها الإمام زين العابدين في دعاءه الشهير بمكارم الأخلاق.
ما أحوج المسلمين جميعاً والذين وصل لبعضهم الحال أنهم لا يعلمون عن الإسلام الحقيقي سوى اسم مسلم المكتوب على بطائقهم وهُــوِيَّاتهم الشخصية، فكم هم بحاجة لمعرفة تفاصيل هذا الدين والغوص في عمقه وأهدافه وأهداف العبادات التي شرعت فيه لتحقّق غايات سامية في تأثيرها على مستوى الفرد أَو على مستوى المجتمع، فكيف هي الطريق لمعرفة حقيقة الدين الإسلامي الذي اختاره الله للمسلمين كمنهج في وقت كثرت فيه المذاهب والفرق وكلا يدّعي ويزعم أنه هو مع الله وأن لا أحد يفقه الدين مثله؟
فمن ارتبط بنبيه الأعظم وأيقن أنه بلغ الرسالة ونصح الأُمَّــة فلا بد له أن يأخذ دين الله مما ورد في كتابه وفي سيرة أهل بيته عليهم السلام الذين هم النبراس والطريق للوصول إليه.
بالنسبة لبضعة المصطفى وفلذة كبدة سيدة نساء العالمين جميعاً في الدنيا والأُخرى التي وصفها رسول الله صلوات الله عليه وأله أن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، هل تستوعبون ما معنى أن يسميها النبي الأعظم بأم ابيها في وقت كانت تهان فيه المرأة وتورث مع الأمتعة وتعتبر رجس من عمل الشيطان عند بعض الأديان؟ أي مكانة عظيمة مثل هذه وأي تكريم للمرأة مثل تكريم هذا الدين العظيم الذي ربط فيه غضب الله تعالى بغضب فاطمة الزهراء التي أزهرت السموات بنورها في يوم مولدها الشريف كما ذكرت بعض الروايات، فالسيدة فاطمة الزهراء تركت لنا مدرسة ومنهج في كُـلّ ما يهم المرأة المسلمة من أمور الحياة بشكل عام، ابتداء من العلاقة الخَاصَّة مع الله تعالى التي تنعكس في جانب العبادات والتعاملات مع من حولها سواء ممن يقعون تحت مسؤوليتها في التربية أَو من جيرانها أَو من علاقتها الاجتماعية بشكل عام كانت نموذج في كُـلّ شيء وقُدوة كاملة رغم صغر سنها ولكنها تربية بيت النبوة، هناك من قد يغفل أن السيدة الزهراء عليها السلام تركت لنا رسائل لكل امرأة مسلمة أن لا تسكت عن ضيم ولا عن ظلم وأن تقوم بدورها السياسي الإعلامي في توعية المجتمع وتثقيفه وتذكيره بأهداف الرسالة السامية التي أنزلت على أبيها من الله العليم القدير المدبّر لشئون الأُمَّــة والذي يعلم ما لذي يصلحها ويحذرنا مما يحبطها ويجعلها أُمَّـة مهزومة ذليلة كُـلّ شئونها بيد أعدائها كما هو واقعنا اليوم، السيدة الزهراء عرفت من أول يوم بعد وفاة ابيها بأن الأُمَّــة انحرفت عن مسارها الأصلي الذي أراده لها الله من بعد مخالفتهم لوصية رسول الله التي جاءت عبر توصيات إلهية واضحة في آيات بيّنة تتلى إلى يوم القيامة بمواصفات خليفة الأُمَّــة الذي يقود السفينة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله كي تستمر الأُمَّــة على نفس المسار والمنهج، ها هي الزهراء عليها السلام اتخذت موقف سيظل شاهد على قوتها وشجاعتها إلى يوم القيامة وخلفته دروسا للأجيال المتلاحقة من النساء أن يكن قويات في الحق، أخذت السيدة فاطمة نفسها وخرجت وهي سيدة الطهر والعفاف وقامت واعتلت منبر رسول الله صلوات الله عليه وآله لتلقي خطبتها الفدكية الشهيرة التي فيها من العلم والبلاغة والحكم ما جعلها منهل لكل المؤمنين عبر التاريخ وإن حاول إخفاءها بعض علماء السلاطين عبر التاريخ عمدا وأهملوها خوفا منها ومن القيّم والمبادئ التي تحتويها؛ لأَنَّها ستفشل كُـلّ مخطّطاتهم ومؤامراتهم، الخطبة التي تعتبر محاضرة تثقيفية غنية فيها من سحر البيان وفصل الخطاب ما يجعل كُـلّ مقطع منها يحتاج لإسهاب وشرح وتفصيل؛ لأَنَّه منهج كامل من علوم أهل البيت عليهم السلام، تناولت فيها السيدة الزهراء صفات الله وصفات نبيه تحت ركنين أَسَاسين هما التوحيد والنبوة فلا عجب أن تنطق ابنة افصح من نطق بالضاد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
ولو عدنا لواقع المرأة اليمنية اليوم وفي ظل هذه المسيرة القرآنية التي عُمدّت بالدماء الزاكية لوجدنا نماذج فاطمية زينبية كثيرة، وجدنا هذه المرأة المحتسبة الصابرة التي تبذل وتقدم؛ مِن أجل دين الله ومن أجل عزة دين الله والسير على نفس نهج الزهراء وزينب والسيدة خديجة وكل النساء اللواتي بلغن درجة الكمال الإنساني، وجدنا أُمهات الشهداء اللواتي يستشعرن بعظيم العطاء والبذل في سبيل الله البذل بفلذات الأكباد وبالمال وحتى بأرواحهن لن يبخلن بالعطاء إذَا احتاج الظروف، وكل ما عندهن هو من تضحيات سيدات بيت النبوة السيدة خديجة والسيدة الزهراء والسيدة زينب اللواتي قدمن للدين مالم يقدمه كثير من الرجال، وعندما رزقنا الله بهذه المسيرة وهذه القيادة وهذا المنهج القرآني أعادنا جميعاً رجالا ونساء لنكتشف ونتعرف على حقائق التاريخ والأحداث والأعلام الذين تعمّد العدوّ فصلهم عن الأُمَّــة وإخفاء سيّرهم الطاهرة التي تحيي القلوب والنفوس وتزيل ران القلوب وتراكمات الذنوب التي بسَببِها لم نفهم الإسلام كما ينبغي له وكما أراده الله تعالى دين عزة وقوة ورفعة وفلاح في الدارين، وفي هذه المناسبة الهامة وهي ميلاد السيدة الزهراء عليها السلام وهو يعتبر يوم عالمي لكل النساء المؤمنات المسلمات لا شك أن هناك نساءً عظيماتٍ يستحقّقن التكريم والإجلال لما مثّلنه من نماذج راقية وقدمنه في سبيل الله وفي مواجهة هذا العدوان الغاشم على بلدنا الحبيب اليمن، النساء التي احتار العدوّ من قوة صمودهن وصبرهن ووعيهن عندما كن سرا في الصمود الأُسطوري للشعب بأكمله فالنساء شقائق الرجال والمجاهدات سند للمجاهدين والإعلاميات جبهة مساندة للإعلاميين والطبيبات والممرضات والمعلمات وحتى المزارعات والأُمهات كلا من في ميدانها جبهة متكاملة في تقديم العمل المتقن ومواجهة كُـلّ أنواع الحروب الاقتصادية بالمنتجات المحلية وتحسين دخل الأسرة ومواجهة الحرب الناعمة بالوعي والثقافة والتحلي بالأخلاق الحميدة الفاضلة التي تمثل هُــوِيَّة وتاريخ وثقافة الشعب اليمني المؤمن الأصيل شعب الإيمَـان والحكمة.