الزهراء فاطمة (عليها السلام).. القُدوة والنموذج الكامل للمرأة المسلمة..بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي

المرأة هي أَسَاس بناء المجتمع ولبنة أَسَاسية في الارتقاء بالمجتمع كيف لا وهي الأم والأخت والزوجة، فالمرأة نموذجاً للأخلاق والقيم والمبادئ، كيف لا وهي المربية والمعلمة وتصدر الأخلاق للمجتمعات، كانت المرأة ولا زالت هي من عوامل النصر والقيادة وركنا أَسَاسيا في تدعيم كافة المجالات، على مستوى الأسرة يقولون وراء كُـلّ رجل عظيم امرأة، وعلى مستوى المجتمع يقولون (الأم مدرسة، إذَا أعددتها، أعددت شعباً طيب الأعراقِ)، الله سبحانه وتعالى كرم المرأة وكفل لها حقوقها وحفظ كرامتها من كُـلّ امتهان واستحواذ واستغلال، صانها الله وكرمها ومكنها من مهام عظيمها في واقع الحياة، خلقها الله وأودع فيها مهام عظيمة كأن تكون الأم والأخت والزوجة وكفل لها كُـلّ الحقوق وفرض عليها مبادئ والتزامات دينية في واقع الحياة حتى تكون شريكة الرجل في البناء والإعمار والتنمية ورافدا أَسَاسيا في مجال الاقتصاد لاستطاعتها في القيام بالأعمال الزراعية والصناعية والتجارية والطبية، ففي الواقع المرأة تستطيع القيام بكافة الأعمال؛ لأَنَّ الله مكنها من قدرات كثيرة جِـدًّا في واقع الحياة.

الله سبحانه وتعالى ذكر جانبين مهمين للمرأة في سورة التحريم، حَيثُ ضرب مثلاً للكافرين، حَيثُ قال تعالى: (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَـمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شيئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم- آية (10)، في هذه الآيات البينات وضح الله سبحانه وتعالى، عن نماذج من الخيانات التي تحصل من المرأة غير الملتزمة دينياً في واقع حياتها، وهذا مثل للكافر وأنه لا ينفع الإنسان قربه من نبي أَو نحوه إذَا لم يلتزم هو في نفسه بدينه وشرعه {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} نبي الله نوح، ونبي الله لوط {فَخَانَتَاهُمَا} امرأة لوط قالوا كانت تخبر قومه بأن لديه ضيوفاً، فيتعرض لأذية قومه {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} لم يكن لزوجيهما أية صلاحية ليدفعا عنهما من عذاب الله شيئاً {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} ولو كانتا زوجين لنبيين من أنبياء الله العظام، فهذا فيه عبرة لعائشة وحفصة لتحذرا وكذا درس لجميع أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في عدم الركون إلى كونهن أزواج النبي وأنه في يوم القيامة لا ينفع الإنسان إلا عمله.

وفي الجانب الآخر ذكر الله في سورة التحريم، حَيثُ ضرب الله مثلاً للمؤمنين، نستعرض الآيات على ضوء ما ورد في التيسير في التفسير، للعلامة رباني آل محمد السيد/ بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، حَيثُ قال تعالى: (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ، إذ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِـمِينَ) التحريم- آية (11)، ما ضرها كونها زوجةً لكافر؛ لأَنَّها مؤمنة فنفعها إيمانها {إِذْ قَالَتْ} اذكر، إذ توجّـهت إلى الله بهذا الدعاء ليخلصها من فرعون وعمله {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} لما كانت مؤمنة لم تلجأ إلا إلى الله لينقذها من شر فرعون وظلمه.

وذكر الله سبحانه وتعالى، نموذج من الكمال البشري للمرأة الملتزمة، احتاج أن يصطفي الله منها نبي من أنبياء الله، قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِـمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) التحريم- آية (12)، ضرب بها المثل في المؤمنات {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} تطهرت وتنـزهت من الجريمة {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} حين خلقنا عيسى نبي الله في بطنها، {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} كلمات الله كُـلّ ما وعد به الباري أَو أخبر به صدقت به، وكذلك كتب الله هي مصدقة بأنها من الله {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} الخاضعين لله، المنقادين له، المستسلمين لأمره، ولعل السبب في جعلها مثلاً للمؤمنين للعبرة بها فيما لاقته من اليهود من الرمي لها بالجريمة وأن ذلك لم يضرها؛ لأَنَّها كانت مؤمنة مخلصة عفيفة فنصرها الله، وكبت أعداءها، وأرغم أنوفهم، كما وعد به في قوله سبحانه.

ونحن نعيش اليوم ذكرى مولد الزهراء فاطمة -عليها السلام- بنت سيد المرسلين محمد بن عبد الله -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله-، اليوم العالمي للمرأة المسلمة، النموذج الأرقى والأعظم للمرأة في واقع الحياة البشرية سيدة نساء العالمين، الأطهر والأسمى لسمو مكانتها الأخلاقية وقداستها عند الله سبحانه وتعالى، الزاهدة عن الدنيا، والمعظمة لدين الله، والمجاهدة والمدافعة عن الدين، كيف لا وهي اعتنت واهتمت بسيد المرسلين، وولي المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام-، ومربية سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين -عليها السلام-.