الوسطاء يغادرون صنعاءَ بعد نقاشات “جادة وإيجابية”: مؤشرات أولية على إحراز تقدم
عبد السلام: ناقشنا ترتيبات معالجة الملف الإنساني والتمهيد للسلام الشامل
العزي: ندعو إلى التعاطي المثمر لكي تنعكس الجهود المبذولة على أرض الواقع
المسيرة | خاص
أكّـدت صنعاءُ أن زيارةَ الوفد العُماني الأخيرةَ حملت مؤشراتٍ إيجابيةً فيما يتعلق بمعالجة المِلف الإنساني والتمهيد للسلام، مشيرة إلى أن دولَ تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي معنيةٌ بوقف التعاطي السلبي والاعتماد على التصورات الخاطئة التي تحرص بعض الأطراف على تكريسها؛ مِن أجلِ الدفع نحو التصعيد ومواصلة العدوان والحصار.
وغادر الوفد العماني صنعاء، الأحد، بعد أَيَّـام من وصوله إلى العاصمة صنعاء في زيارة هي الثانية خلال أقل من شهر واحد، ضمن جهود الوساطة التي تبذلها سلطنة عمان للتوصل إلى حلول ترفع معاناة الشعب اليمني وتهيئ لخطوات سلام أوسع.
وقال رئيس الوفد الوطني ناطق أنصار الله محمد عبد السلام: إن “الوفد غادر إلى مسقط بعد نقاشات جادة وإيجابية حول الترتيبات الإنسانية التي تحقّق للشعب اليمني الاستقرار وتمهد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار بإذن الله تعالى”
ومثّل هذا التصريح مؤشراً إيجابياً ربما يكون الأول من نوعه منذ بدء المفاوضات التي أعقبت انتهاء الهُــدنة؛ كونه يلمح بوضوح إلى وجود تفاهم على ترتيبات وتفاصيل المعالجات المطلوبة للملف الإنساني، وهو ما سيشكل تقدما نوعيا في مسار السلام.
وتتضمن المعالجات الإنساني للملف الإنساني صرف رواتب موظفي الدولة ورفع الحصار عن المطارات والموانئ، إضافة إلى تبادل الأسرى، وهي خطوات ستمثل -إن تحقّقت- انتصاراً كَبيراً لصنعاء، وستفتح لأول مرة بوابة حقيقية نحو سلام فعلي.
لكن على الرغم من ذلك، فَـإنَّ حالةً من التوجس والترقب ما زالت تسيطر على قراءات العديد من المراقبين والمحللين نتيجة انعدام الثقة في الطرف الآخر، خُصُوصاً وأن كُـلّ التجارب الماضية أكّـدت أن دول تحالف العدوان ورعاتها يسعون لاستخدام التفاوض كحيلة وغطاء لكسب الوقت والتحايل على مطالب الشعب اليمني، وفرض حالة دائمة من اللا حرب واللا سلام، بل والتهيئة لتصعيد جديد.
وفي هذا السياق وجه نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ حسين العزي لـ”الامتناع التام عن التأثر السلبي بالأصوات النشاز من دعاة الشر والكراهية”؛ مِن أجلِ أن “تثمر جهود السلام على أرض الواقع” في إشارة إلى بعض أطراف معسكر العدوان التي تبدي حرصاً كَبيراً على قطع الطريق أمام أية خطوات جادة لمعالجة الملف الإنساني والتوجّـه نحو حلول حقيقية، وعلى رأس تلك الأطراف الولايات المتحدة الأمريكية والمرتزِقة الذين يرون في تحقّق السلام تهديدا لمصالحهم ومطامعهم الخَاصَّة.
وكانت القيادة الثورية والسياسية قد أكّـدت بشكل واضح خلال الفترة الماضية أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعمد عرقلة جهود السلام، وأنها أفشلت تفاهمات جديدة كان قد تم التوصل إليها في وقت سابق.
وجاءت الزيارة الأخيرة للوفد العُماني إلى صنعاء في توقيتٍ حَسَّاسٍ بالتزامن مع تصاعد نبرة تحذيرات وإنذارات صنعاء، وبالتوازي مع التفويض الشعبي الكبير للقيادة الوطنية باتِّخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة للتعامل مع حالة الجمود والمماطلة من جانب العدوّ، الأمر الذي أكّـد رئيسُ الوفد الوطني في وقت سابق أنه كان مؤثِّراً على سير المفاوضات، وهو ما يعني على الأرجح أن الخروجَ الشعبي الكبير في مسيرات “الحصار حرب” وضع دول العدوان أمام ضرورة التحَرّك العاجل لتجنب انهيار الهدوء النسبي وعودة التصعيد.
وفي حال تعاطي تحالف العدوان بإيجابية مع ما توصل إليه الوفد العماني من تفاهمات في صنعاء، سيكونُ من المتوقع أن ينعكسَ ذلك على الأرض من خلال رفع القيود المفروضة على مطار صنعاء وعلى دخول السفن إلى ميناء الحديدة، بالتوازي مع بدء الترتيب لتخصيص إيرادات النفط والغار لصرف مرتبات موظفي الدولة في كافة أنحاء البلاد، إضافة إلى الإعلان عن ترتيبات تنفيذ صفقة تبادل الأسرى التي تم التوقيع عليها في مارس الماضي كحد أدنى.
وستشكلُ هذا الخطوات في حال تنفيذها نقطة تحول كبرى في مسار المعركة، كونها ستسهم في تخفيف أثر وأعباء الحرب الاقتصادية الشرسة التي يمارسها العدوّ ضد الشعب اليمني، وستقلل فرص العدوّ في استخدام التجويع كسلاح حرب، علما بأنه السلاح الأخير الذي كان يعتمد عليه بشكل رئيسي بعد ثبوت فشله الذريع في الجانب العسكري، الأمر الذي يعني قتل ما تبقى من آماله التي كان يعول عليها لتعويض ذلك الفشل، وهو ما قد يدفعه نحو البحث عن مخرج نهائي لو توفرت الرؤية الصحيحة من جانبه.
لكن بعض المراقبين يتوقعون أن يعود تحالف العدوان إلى المراوغة من جديد خلال الفترات القادمة استجابة للتوجّـهات الأمريكية والغربية، وهو الأمر الذي يعني أن احتمالات عودة التصعيد ستبقى قائمة إلى حين تثبيت واقع السلام الحقيقي على الأرض.