قوةُ المجتمع بصلاح نسائه..بقلم/ منير الشامي
من أكبر المعضلات التي أصبحت تعاني منها دول الغرب هو الوضع الكارثي الذي تعيشه المرأة في تلك المجتمعات والحال المزري الذي وصلت إليه والذي انعكس بشكلٍ مباشر على انتشار وتفشي مشاكل اجتماعية خطيرة في تلك الدول لا تتهدّد المرأة فحسب بل تنذر بدمار المجتمع بكامله كالتفكك الأسري والانحلال الأخلاقي والتفسخ المجتمعي وانتشار الفواحش وجرائم الاعتداء والاغتصاب والشذوذ وزيادة أعداد المشردين واللقطاء وارتفاع نسبة جرائم القتل والعنف ضد المرأة وضياع كرامتها وعفتها وسلب كُـلّ حقوقها.
هذا وأكثر وهو ما أكّـدته تقارير رسمية لمنظماتهم الحقوقية ومراكزهم المتخصصة وعلى سبيل المثال كشف تقرير للأمم المتحدة عام 2019م أن 81 % من النساء الأمريكيات يتعرضن للتحرش الجنسي وبحسب نتائج دراسة نشرت في مجلة “جاما” للطب الداخلي أنه تم اغتصاب أكثر من 3.3 مليون امرأة أمريكية تتراوح أعمارهن بين 18 – 44 عاماً خلال عامين فقط، بينما أورد موقع الأمم المتحدة على الإنترنت بيانات من هذه الهيئة أن 25 % من طالبات الجامعة يتعرضن لاعتداءات جنسية، وذكرت صحيفة “آرمي تايمز” في 21 أغسطُس 2019م أن الاعتداءات الجنسية بحق النساء في الجيش ارتفع من 4.4 % إلى 5.8 % بين عامي 2016، 2018م إضافةً إلى ذلك فَـإنَّ 56 % من النساء العاملات الحوامل حرمن من مرتباتهن خلال فترة انقطاعهن عن العمل؛ بسَببِ الحمل والوضع هذه إحصائيات لبعض الجرائم في حق المرأة الأمريكية ولنا أن نتخيل كم إحصائيات الجرائم والانتهاكات في حقها المرأة في مختلف الجرائم التي تتعرض لها.
حال المرأة في بقية المجتمعات الغربية لا يختلفُ عن حالِ المرأة الأمريكية بل قد يكونُ أسوأً منه بكثيرٍ في معظمِ الدولِ التي تنادي بحريتِها وبحمايةِ حقوقِها ففي فرنسا مثلاً كشف تقرير طويل لوزارة الداخلية الفرنسية صدر عام 2019م عن انتهاكاتِ حقوقِ المرأة الفرنسية أن معدَّلَ جرائم اغتصاب النساء في فرنسا هو جريمةٌ كُـلَّ سبع دقائق، هذا بالنسبة لجرائم الاغتصاب المرصودة وهي عادة أقل بكثير من معدل جرائم الاغتصاب غير المرصودة.
العجيب أن نراهم بعد أن أهدروا وانتهكوا وسلبوا المرأةَ كُـلَّ حقوقها ومارسوا في مجتمعاتهم كُـلَّ الجرائم بحقها حتى أصبحت مُجَـرّدة من إنسانيتها أتوا ليطالبوا بحقوق المرأة المسلمة ويسعوا بكل ما أوتوا من قوة رسميًّا وعبر منظماتهم الحقوقية لتنصيب أنفسهم حماة لها ووكلاء للمطالبة بحقوقها وبوقف انتهاك تلك الحقوق وهي التي كفل لها ديننا الحنيف من الحقوق ما لم تحظ به المرأة في كُـلّ الشرائع الأُخرى وكل القوانين والتشريعات الوضعية، وهنا يثور تساؤل مهم عن ماهية الحقوق التي يطالبون بها للمرأة المسلمة?
والحقيقة أيها السادة أننا إذَا تأملنا شعاراتهم الرنانة وتفكرنا فيما يطالبون منحه للمرأة المسلمة بشكلٍ رسمي وعبر منظماتهم نجدهم بكل بساطة يسعون إلى سلب المرأة المسلمة الحقوق العظيمة التي كفلها الإسلام لها لتتحول من أداء دورها المحوري في بناء مجتمع قوي متماسك ومحصن ومن أداء رسالتها العظيمة على مستوى الأسرة والمجتمع إلى معول هدم للمجتمع وأداة لإضعافه ووسيلة لتفسخه وانحلاله، هم يريدون تحويلها من درة مكنونة إلى سلعة مكشوفة كقطعة حلوى يتجمع عليها الذباب والحشرات لتصبح مستنقعاً ملوثاً بالجراثيم والميكروبات تتعفن فيه كرامتها وتفقد عفتها وتنسلخ عن حيائها تهان وتتعرض للاستغلال وللعنف والإذلال.
هم يريدون تجريدها من فطرة الله السوية التي فطرت عليها ومن أنوثتها وإنسانيتها لتتحول إلى آلة لإشباع الرغبات ولعبة للنزوات يريدون لها التبرج والسفور والفسق والفجور وإباحة مفاتنها بالاختلاط لكل من هب ودب لا تحمل خلقاً ولا أدب.
إن الواجب على كُـلّ المجتمعات العربية والإسلامية أن تقفَ ضد استهدافهم للدفاع عن المرأة المسلمة وعن هُــوِيَّتها الفطرية وحقوقها المشروعة وأن تسعى بكُلِّ ما أوتيت من قوةٍ إلى تنشئة المرأة وفق النماذج التي ضرب اللهُ بها الأمثالَ في كتابه وفي سُنة رسوله وأن يحُضُّوهن على التأسي بهن والاقتدَاء بسيرهن من السيدة مريم -عليها السلام- وحتى سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد -صلوات الله عليه وعليها- وعلى زوجها وبنيها.