د. حمود الأهنومي في حوار لصحيفة “المسيرة”: الزهراء النموذج الأرقى في الإسلام والغرب يجعل دور المرأة مبتذلاً وساقطاً يهينها ويمتهنها
- تظل الحقوق الإنسانية لدى الغرب مُجَـرّد نقوش على الأحجار لا سِـيَّـما ما هو متعلّق بالمرأة والطّفل، ونحن في اليمن وجدنا شاهداً حياً عاشته نسائنا طوال عمر العدوان الغاشم، فقد أُسقط منزلها على رأسها، وإن لم يكن كذلك فهم يحاولون إماتتها وهي ما تزال على قيد الحياة وذلك بإيجاد بدائل متسخة ونماذج شائهة ومبتذلة ليجعلوا منها معول هدمٍ لذاتها ومجتمعها، ويفصلوها عن الفضيلة والشرف، وهذا ما أشار إليه الباحث والمؤرخ التّاريخي في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة”.. إلى نص الحوار.
حاورته| هنادي محمد
- في البداية ونحن نعيشُ الأجواء الزهراوية لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء -عليها السلام- ما هو تعريفكم لهذه الشخصية؟
– بسم الله الرحمن الرحيم، حيّاكم الله وصحيفة المسيرة..
الزهراء -سلام الله عليها– هي النموذج الأرقى والأكمل للمرأة في الإسلام، النموذج الذي يجب أن تنشدّ إليه كُـلّ النّساء، ويسلكن طريقتها ومنهجيتها، هي الأم الفاضلة، أم المجاهدين، المجاهدة، ابنة المجاهد، زوجة الشّهيد، أم الشهيدين، التي مثّلت أرقى خلاصة للنموذج الأكمل للبشرية، ولهذا جعلها الله سيدة نساء الدنيا والأُخرى، سيدة نساء المؤمنين، سيدة نساء أهل الجنة.
- (سيدة نساء العالمين) امرأة لها استثنائيتها ورمزيتها وثقلها في الإسلام، لماذا غُيّبت شخصيتها؟
– فيما مضى كان هناك فساد، وإضلال، الضّالون والمفسدون لا يريدون أن يكون هناك مكان للصّلاح وللفضيلة، من يعمل على نشر الرذيلة لا يمكن أن يأتي بالفضيلة ويُحْضِرَها، لأَنَّ إحضارها معناه إذهابٌ له، ومعناه إفشال لخططه ومشاريعه، وإذهابٌ لشرعيته، فهم عملوا على تغييب الزهراء لأَنَّهم أصلًا أهل ضلال وأهل فساد، واليهود يعملون على إفساد المجتمعات، كما قال الله عزّ وجل: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، يريدون أن نضل السبيل حتى عن فاطمة الزهراء -عليها السلام-، عن سبيل مجدها وعزتها وشرفها وكرامتها وأخلاقها، وبالتالي من الطبيعي جِـدًّا أن يكونَ هؤلاء المضلّون على عِداءٍ كبير مع الزّهراء وطريقها، هم يريدون أن يوجدوا بدائل متَّسخة وشائهة ينفُذون من خلالها إلى نسائنا ومجتمعاتنا فيعطون قيمًا واتّجاهات غير تلك التي كانت ستعطيهم إيّاها الزّهراء عليها السلام.
- من تحمّلون مسؤولية تغييبِ شخصية الزّهراء عليها السّلام؟
– بشكلٍ عام نحن المسلمين جميعاً نتحمّل المسؤولية، وبشكلٍ خاص الأنظمة السياسية التي بيدها القرار السياسي والثقافي والفكري يتحملون المسؤولية، بدءاً من رئيس الدولة، ووزير التربية والتعليم، ووزارتي الثقافة والإرشاد، والعلماء، الأكاديميبن، هؤلاء كلّهم يتحمّلون هذه المسؤولية، كُـلّ من يمسك قرار هذه المؤسّسات هو يتحمّل مسؤولية، وَأَيْـضاً الأنظمة المتعاقبة الذين غيّبوا الزهراء كونها تمثّل الصوت المناهض للظلم والطغيان والفساد والانحراف الذي وقع من بعد وفاة رسول الله -صلوات الله عليه وآله وسلّم- حينها سجّلت الزّهراء -سلام الله عليها- موقفًا مهمًا للأجيال وليس فقط لأُولئك الحاضرين، حتى يقول الناس من بعد 1400 عام أن هناك خطأ وانحرافاً ما وقفت في وجهه الزهراء سلام الله عليها، كُـلّ هؤلاء الذين استفادوا من تغييب الزّهراء هم من يتحمّلون المسؤولية.
- دكتور حمود.. وأنتم مؤلف كتاب (تلك هي فاطمة الزّهراء)، ما الذي دفعكم لتأليفه؟
– عدد من الاعتبارات، أنا كنت رئيس لجنة الثّقافة والإعلام في المجلس الزيدي الإسلامي، وكنت أُواجه المرة تلو الأُخرى بأن تأتيَ إليَّ أخواتٌ يردن أن يعرفن عن السيدة فاطمة، ويسألن عن كتابٍ أرشدهن إليه مستخلص من ثقافتنا وهُــوِيَّتنا اليمنية الإيمانية، صحيح أن المعلومات عن فاطمة الزّهراء متوفرة ومتناثرة هنا وهناك في بعض المجلدات والكتب الكبار، فلو قلت لهن اقرأنها في كتاب كذا لكان هذا مرهقاً وطويلًا، فقد كانت هناك حاجة، إذن أول الأسباب والدوافع: تلبية الحاجة الثقافية اليمنية لا سِـيَّـما للأخوات وللأُمهات وللبنات اللائي يردن أن يتعرفن على نموذجهن الأكمل فاطمة.
ثانيًا: هذه المرأة المظلومة التي ظُلِمَت حيّة، لا يجوز أن تُظلم أَيْـضاً وقد أصبحت عند ربها، يجب أن نُعيد نوعًا من الاعتبار لمظلوميتها، فمن الوفاء لهذه المرأة العظيمة، النموذج الأكمل للمرأة أن نتحدّث عنها.
ثالثًا: أننا نريد أن نُعالج قضايا موجودة الآن لها علاقة بالمرأة والمجتمع، فمن أين نُعالجها…؟! من خلال شدّهن إلى النموذج الأكمل، من خلال ما كانت عليه فاطمة -عليها السّلام- في أخلاقها وجهادها وشجاعتها وعلمها وتضحيتها، في كرامتها وعزّتها وشرفها، فمهم جِـدًّا أن نلفت النّظر إلى ما كانت عليه فاطمة حتى نعالج قضايا نعيشُها في الواقع.
رابعًا: وهو سبب ثانوي بالنسبة للآخرين لكنّهُ مُهم بالنسبة لي: أنا كنتُ قد رزقني الله أولادًا ذكورًا وكنت أسأل الله أن يرزقني بنتًا فنذرتُ نذرًا أنه إذَا وهبني الله ابنة فسأكتب كتابًا في فاطمة الزّهراء وهذا ما تحقّق بفضل الله سبحانه وتعالى وقد وهبني من كرم فضله بنتين اثنتين.
- ما هو انطباعكم لإشادة السيد القائد/عبد الملك الحوثي –يحفظه الله ويرعاه- بكتابكم (تلك هي فاطمة الزّهراء) وحثّه لكل النّساء على قراءته؟
– في الإجَابَة على هذا السؤال قصّة طريفة، في ذلك اليوم الذي تحدّث فيه السيّد القائد -سلام الله عليه- عن الكتاب في خطابهِ بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة، كنت في مركز بمحاضرة، وأنا عائد اتصل بي أحد الإخوة قال لي: (الكتاب يقول البعض بأن فيه بعض الثّقافات المغلوطة وغير الصّحيحة وإلى آخره.. وبالتالي الكتاب لم نعد نرغب في توزيعه)، أنا أجبت عليه وقلت له: (هات الكتاب، الكتاب مقبول، إذَا لم يكن مقبول لديكم سيكون مقبولًا عند آخرين إن شاء الله، ليست مشكلة لأَنَّه ليس طعامًا سينتهي في فترة معينة)، في نفس هذا اليوم كان خطاب السيد وذكر الكتاب، وكأن يد القدر الإلهية أرادت أن تُعيد الاعتبار لهذا الكتيب، فحَمِدْتُ الله، وشكرته، ودفعني هذا إلى أن أعقد العزم على بذل المزيد من الأبحاث التي تحتاج إليها المرأة والرّجل، والأبحاث التي نحتاجها، والفضل كله يعود إلى الله سبحانه وتعالى.
- هل هناك مراجع أُخرى توصون الأخوات المؤمنات بالاطلاع عليها للتّعرّف أكثر على أنموذجهن الإيماني البشري المتمثّل في الزّهراء “عليها السلام”؟
– نعم، أول تلك المراجع: خطابات السيد القائد -يحفظه الله- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المُسلمة فهي أَسَاسية جِـدًّا ويجب أن نقرأها بشكلٍ مُستمرّ، ثانيًا: محاضرات (ملازم) رمضان للشَّهيد القائد السَّيد حسين الحوثي -رضوان الله عليه- بشكلٍ عام لا سِـيَّـما دروس سورة النساء (السابع عشر +الثامن عشر +العشرون)، فهي غنية بالتَّوجيهات التي تُعنى بقضايا المرأة؛ باعتبار أن السورة (سورة النّساء)، أَيْـضاً كتاب (في رحاب فاطمة الزّهراء) لأخي وأُستاذي الفاضل /يحيى قاسم أبو عواضة والذي أشاد به السيد القائد -سلام الله عليه- في ذلك الخطاب الذي ذكر فيه كتيبي، هناك أَيْـضاً كتاب للأُستاذة الفاضلة / حورية ستّين بعنوان (فاطمة زهرة الوجود وقُدوة الأجيال) كتاب جيّد، وهناك كتاب للعقّاد، وكتب كثيرة يمكن الاستفادة منها.
- ما هي مسؤوليات المرأة في الإسلام؟
– هي مسؤوليات الرجل بشكل متكامل كما قال الله عزّ وجل في كتابه: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب:35].
الجاهليون كانت لديهم مشكلة مع المرأة، فالصينيون يعتبرون أن من حق الرجل أن يُحرق زوجته وهي حيّة، والهنود كانوا يعتبرون الأفعى والشيطان والجن والخبائث كُلّها أفضل حالًا من المرأة، والجاهليون العرب (إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ)، فجاء الإسلام ليكرم هذه المرأة ويعلي من شأنها، ويعطيها حقها الطبيعي كإنسان وكائن مكمّل لأخيها الذكر، فعندما جاءت الزهراء وأشرقت شمسها مع إشراقة شمس النّبوة، والنّبي -صلوات الله عليه وآله وسلّم- قال لأمته ولنا: “هذه أم أبيهـا”، هذه التي كنتم تدفنونها حيّة خشية العار وخوفَ الإملاق الآن هي أم أبيها، أم محمد-صلى الله عليه وآله وسلم- الذي هو أفضل البشرية، ولهذا فمسؤولية المرأة هي نفس مسؤولية الرجل، ودورها مرتبط بالتربية والتعليم والتثقيف، والطبابة، وأن تقوم بالأعمال التي نلاحظ فيها التوافق مع فيسيولوجيتها واستعداداتها الفطرية، فلا يمكن مثلًا أن نقول للمرأة: اذهبي إلى الجبهة للقتال، أَو إلى مناجم الفحم للعمل، لكن لها أدوار مهمة تكمّل فيها دور الرّجل، فهم عالم واحد، ومن نفسٍ واحدة، والله أكّـد على هذه القضية، ولا يمكن استقلالية دور أحدهما بعيدًا عن الآخر.
- يقول تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ}، كيف يمكن تجسيد هذه الولاية في ميدان الحياة بما يتطلبه الصراع القائم بين الحق والباطل وفق الرؤية القرآنية؟
– لاحظي تكملة الآية يقول سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُولئك سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} هذه هي الوظائف التي يجب أن يقوم بها كلا النوعين، يعني أمر بمعروف، نهي عن منكر، التّولي لبعضهم البعض، المناصرة، أن يشعر كُـلّ واحدٍ منهما بأن دورهُ لا يستقيم إلّا بدور الآخر، هذه مسألة مهمة جِـدًّا الإسلام أكّـد عليها بشكل متكرّر، والواقع الآن يشهد بذلك أنه لا يمكن أن يكون دور الرجل مؤثرًا إلا إذَا كانت المرأة خلفه، العدوان على اليمن يمثّل حالة مهمة جِـدًّا تشهد لهذا، لولا وقوف المرأة بكل شموخها وعزتها وإخلاصها وانقطاعها لله عز وجل لما استطاع الرجل أن يؤدي الدور الذي يؤديه في الدفاع عن البلد بأي حالٍ من الأحوال، عندما تكون هناك أم المجاهد، أم الشهيد، أخت الشهيد، زوجة الشهيد، ابنة الشهيد، كلّهن لهن أدوار مهمة جِـدًّا وأَسَاسية، ونحن نخوض هذا الصّراع، وفي هذا المقام نذكر قصة معينة مهمة: عندما جاءت حادثة المُباهلة {َقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أبناءنَا وَأبناءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأنفسنَا وأنفسكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، الرسول محمد -صلى الله عليه وآله وسلّم- كان يصارع في ذلك الحين نصارى نجران، وهم رمز أهل الكتاب حينذاك، خرج ليصارعهم بالمرأة الفاضلة ونموذجها، الزهراء عليها السلام، ونحن نخوض الصّراع اليوم هل يمكن أن نخوض صراعاً مع اليهود والنصارى وهم في أكثر وقتٍ لديهم إمْكَانات وقدرات للتّضليل والاغواء، هل يمكن أن نصارعهم ولدينا نماذج متسخة وشائهة من تلك التي يروِّجون لها من نجومية زائفة أم بنموذج الزّهراء؟
لا بدَّ أن تحضر المرأة في هذا الصّراع، ولا بدَّ أن تأخذ دورها، وبفضل الله عزّ وجل نحن نرى في واقعنا النماذج الرّائعة جِـدًّا في مواجهة العدوان بروحيّة وثّابة وعظيمة وقوية التي لم تخضع وتركع لأية ضغوط ومنحنيات فحقّق الله عز وجل نصره على أيدي هؤلاء النّسوة اللائي كن الصف الأول في مواجهة العدوان.
- ما الفرق بين تنمية المرأة وحريتها التي يدعو لها الغرب ويؤسسون العديد من الخطوات لتثبيتها، وبين حرية المرأة وتقدّمها في الإسلام؟
– الحرية لدى الغرب باب مخلوع، حرية كاذبة، لا ترعى إنسانية المرأة وكرامتها وبالتالي يجعلون من النساء فريسة للذئاب، ولمُجَـرّد أن تصل إلى دور لم تعد تنتج فيه، لم تعد تلك المرأة الفاتنة، أَو التي يستفيدون منها، يتم التخلص منها، ويرمى بها في المقابر التي تسمى بـدور الرعاية الاجتماعية، بينما المرأة في الإسلام وحريتها لها حق طبيعي وتكريم كبير، حَيثُ فرض الله تشريعاتٍ تتوافَقُ مع فطرة الله لهذا الكائن الإنساني، وهي لا تعتبر قيوداً، بل هي الفطرة الحقيقية للمرأة.
يتحدَّثُ الغربُ عن حقوق المرأة الجنسية بينما هم لا يسمحون للمرأة في اليمن في حقها الوجودي، أليس هذا هو التناقض؟ عليهم أن يسكتوا حتى يضمنوا للعالم كله حقَّهم الوجودي في العيش.
يجب أن نفهمَ بأن الغرب ينظر إلى الإنسان بشكل عام بقدر ما ينتج، أنت بقدر ما تنتج فقط، ليس لك قيمة إلا بقدر ما تدر من الأموال، ولهذا تأكل لتعيش وتعيش لتأكل، وضمن هذه النظرة المادية الخطيرة للإنسان تأتي النظرة إلى المرأة، فهم ينظرون إليها كسلعة تُباع وتُشترى، ولهذا أي منتج مطلوب الترويج له فَـإنَّه يُعْطَى صورة امرأة عارية أَو شبه عارية، حتى الحراثة وضعوا لها ترويجاً بشكل امرأة عارية، فهل هذا تنمية وإكرام للمرأة…؟! أم هذ دور مبتذل جِـدًّا وساقط لا يرعى كرامة الله لهذا الكائن العظيم؟ بل هو تعامل يهينها ويمتهنها، ينظرون إليها كوسيلة للمتعة والاستقطاب والإضلال والهدم فقط.
- يعتمد العدوّ في حربه النّاعمة التي يكرّس كُـلّ جهده فيها على استخدام المرأة كوسيلة أولى ومهمّة لتدمير المجتمعات، لماذا برأيكم؟
– لأَنَّ المرأة غير الواعية تكون سهلة الفساد وسهلة الإفساد بها، واليهود يريدون أن يُفسدوا، وهذه وسيلة من وسائل الإفساد، والله سبحانه وتعالى حكى عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بشكلٍ عام بأنهم: {يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ} وأنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً}، فضمن الاستراتيجية التي يتحَرّكون بها في إفساد العالم الآخر تأتي (المــرأة)؛ لكونها سهلة الفساد عندما لا تكون متعلّمة متثقّفة بثقافة الهدى الإلهي، فينطلقون للإفساد بها ونشر الرذيلة الأخلاقية بشكل واسع جِـدًّا، يعملون لهدم الأسرة وُصُـولاً إلى الحالة التي وصلوا إليها اليوم في تدمير الأسرة تماماً وذلك بالقضاء على مفهوم الذكر والأنثى.
- تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن ضحايا العدوان السعوصهيوأمريكي من النّساء بلغ 2436 قتيلة و862 جريحة، كيف تترجمون هذا الرقم الهائل؟
– هذا يبيّن حجم الازدواجية التي يقعون فيها، بينما يتحدثون عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة الجنسية هم يقتلون المرأة في بيتها وسط أهلها وأبنائها، ويقصفون منزلها ويسقطونه على رأسها، فكل حديثهم حول حقوق المرأة لمُجَـرّد الاستهلاك والابتزاز والتشنيع والتعييب الذي ليس له مصداقية في الواقع، وإلا لوجدنا ما يؤكّـد صدق ادِّعاءاتهم.
- قرأنا خلال الأشهر الماضية إدانة من أمريكا وبريطانيا والغرب لما أسموه بالانتهاكات ضد المرأة في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى؟ ما تعليقكم على ذلك.
– هذا مما يُضحك، فمحاولة تشويههم لصورة الأحرار في هذا البلد تأتي ضمن الحملات الدعائية الكاذبة التي يشنونها والمتصلة بعدوانهم على اليمن، المجلس السياسي الأعلى أمسك بزمام الأمور وحمل راية الدفاع عن هذا البلد وبالتالي لا غرابة في طرحهم لمثل هذه العناوين واستغلالها بما فيها عنوان (المــرأة).
- في اليمن هناك من يقول بأن المجلس السياسي الأعلى لا يحترم حقوق المرأة حسب ادِّعاءات الغرب، كيف تفندون هذا القول؟
– المجلس السياسي هو سلطة سياسية، والمسألة تتعلق بثقافة المجتمع وعاداته وهناك ممارسات قد يمارسها البعض، وهي ليست من الدين لكن بعض أبناء المجتمع من وحي عاداتهم متمسك بها، فلا نستطيع أن نقول بأن النظام السياسي هو من يفرضها، النّاس هم من اعتادوا عليها، وبالتالي فلا يجوز أن نحمل المسؤولية الجميع، وأي تغيير في بعض العادات يكون عن طريق التثقيف مثلاً: في عادة بعض الناس وبعض القبائل أن المرأة لا يمكنها التعلم حتى وصول مراحل الدراسات العليا، فهذه تعتبر عادة، وليست نظاماً تربوياً يتبناه المجلس السياسي الأعلى، وعليه فنحن يجب أن نعمل على تغيير هذه العادة في عقول ووعي الناس عن طريق تشجيع التعليم بالشكل الصحيح وفق ضوابط تحفظ للمرأة حقها العلمي وعفتها وشرفها.
وما يحدث الآن هو خلاف ادِّعاءاتهم فالتوجّـه الآن قائم على تعليم المرأة وتمكينها في أن يكون لها دور في قيادة المجتمع، ونحن نرى في أوساط النساء حراكاً تثقيفياً وتعليمياً رائعاً جِـدًّا، وعندما أتابع برنامج ثائرات أجد فيه تحَرّكاً نسوياً متنوعاً وعجيباً، لكن يجب أَيْـضاً تطوير هذا العمل وتوفير البيئة الجيدة، لتكون المخرجات قوية تنقل البلد نقلة نوعية جيدة.
- رسالتكم للمرأة المؤمنة في يومها العالمي، وللمرأة اليمنية على وجه الخصوص؟
– نقول للمرأة بشكل عام: أمضِين في نفس طريق، لا يردّكن أي راد، ولا تلتفتن لا لزيد ولا لعمرو، اسلكن طريق الزهراء وزينب، طريق دهماء بنت يحيى المرتضى، وغزال المقدشية، وطريق كُـلّ الحرائر الأبيّات اللائي كان لهن تاريخ لامع من تاريخ أمتنا، هذه طريق الجهاد التي يجب أن تستمر، طريق أم عبد القوي الجبري وأم شهداء آل اللاحجي، وكلّ الأُمهات والأخوات العظيمات، المطلوب سلوك هذه الطريق، لأَنَّها طريق الفلاح والفوز.
- ما هو تقييمكم لدور المرأة اليمنية وصمودها في مواجهة العدوان الغاشم على مدى ثمانية أعوام؟
– دور ممتاز جِـدًّا وأكثر من المتوقع، نحن كنا نتوقع أنه سيكون للمرأة دور كبير جِـدًّا في مواجهة العدوان ولكن ما رأيناه كان أكثر بكثير مما توقعناه، بل قد تفوق المرأة في كثير من المراحل كَثيراً من الرجال في عطائهن وانشدادهن إلى الله عز وجل وإخلاصهن في عملهن، وهذا ما نراه في واقعنا بفضل من الله وبفضل الثقافة التي يحملنها، ثقافة القرآن الكريم وهدى الله التي تدفع للعطاء والعمل أكثر من الأخذ وانتظار ما سيأتي به الآخرون، ونحمد الله عز وجل على واقعنا الذي نعيشه.
- كلمة أخيرة لكم دكتور حمود في نهاية حوارنا؟
– الشكر لكم على إتاحة هذه الفرصة، وأدعو الأخوات والأُمهات والبنات إلى الاستمرار في هذا العطاء والتّعلّم والتعليم والعمل والتركيز على الوظائف والمهمّات التي يجب أن يقمن بها فيما أهَّلهن الله لذلك، وألا يستمعن إلى أُولئك الذين يحاولون فرض نماذج يجعلونهن قدوات لهن، أن يقتفين ويقتدين بالنموذج الأكمل المتمثل بالزهراء -عليها السلام- في شجاعتها وعلمها وجهادها وعطائها، وفي قوة موقفها في الحق، وأن يتحَرّكن حولها، وذكرى ميلادها مناسبة للعودة إليها.