برفسور شرف الدين: أنت عند الله شهيد وهم عند أسيادهم عبيد.. بقلم/ منصور البكالي
يا أُمَّـةَ الفكر والدولة المدَنية: لفظت أرضُ الطهر والعفاف قاتلوك دون رجعة، إنهم لم يعلموا بأن دماءك الزكية بركان اجتثهم من فوق وطن لا يقبل الخيانة، أنت عند الله شهيدٌ وهم عند أسيادهم عبيدٌ، أنت فينا ومعنا وبيننا نرتوي من عذب فكرك وخلاصة ما كتبه قلمك وصدره عقلك وأورثته نظرياتك ورؤاك.
يا برفسور ومفكر الأُمَّــة العربية والإسلامية، أحمد شرف الدين، في ذكراك يحزن القانون وتقفل دساتير المدنية والحوار البناء والنقاش المحكم أبوابها في وجوه رفاقك وطلابك، فليست اليمن من تحزن عليكَ اليوم لا وربي لقد حزنك أعداؤك وقاتلوك وتمنوا لو كنت فينا لتشفع لهم من بأس شعبك المحزون كمداً لفراقك.
يا شمس النور في ولج الظلام حاولوا إطفاء فكرك المستنير لميلاد فجرٍ جديدٍ من تأريخ أُمَّـة السلام في مؤتمر الحوار الوطني، فكانوا حفافيشَ ظلام ودعاة ضلال تتقاذفهم أمواج التبعية والوَصاية في محيطات العمالة والخيانة لشعبك، دونما كرامة لهم، فها أنت حي فينا وعند رب السموات تراهم يجنون ثمن ما أقدموا عليه حين أزهقوا روحك خشية من صدق ما تصدح به وسلامة ما تقدمه لكل أطياف الشعب، وها هم اليوم في سجون أسيادهم يتمنون لو أنهم لم يقدموا على ما ارتكبوه من ظلم بحقك وبحق زميلك الدكتور عبدالكريم جدبان، والأُستاذ عبدالكريم الخيواني ومن لحق بك من شهداء هذا البلد طيلة 8 اعوم من القتل والقصف والحصار الأمريكي السعوديّ الذي طال كُـلّ أبناء الشعب بمختلف مكوناته التي كانت تنصت يوماً وبكل إصغاء وشغف لما تقدمه من عمق الفكر وبُعد الروية والطرح السليم من على منصة الحوار الوطني.
وفي ذكراك التاسعة يحزنك شعبك وَطلابك وزملاؤك الذين شاركوا في الحضور، أمس السبت، في قاعة رئاسة الوزراء في العاصمة صنعاء تخليداً لفكرك ومحاولة اقتباس من وهجك الوضاء، لعلهم يهتدون لبناء دولة مدنية تحفظ الحقوق وتصون الكرامات وتحترم وجهات النظر المختلفة، وتقدّس السلام وتنبذ العنف والسلاح بين أبناء الشعب الواحد.
ها هو الشعب وقيادته يودعونك ويرثون أنفسهم لفراقك، معاهدين الله والمستضعفين أن تتحولَ رؤاك وأفكارك وخططك إلى واقع ينعم به الشعب.
ما قاله فيه السيد القائد في أربعينيتك لم يكن غير قُبلة في جبينك ونزراً لجهودك، وما تعبر عنه أقلام المفكرين والكُتَّاب العرب والمسلمين حولك ليس إلا جزء يسير في حق أُمَّـة كنت تحمل هَمَّها وموطن وضعته في حدقات عيونك إلى آخر لحظة من حياتك دمت عليه محافظاً.
نبرات صوت ابنك أمين عام رئاسة الجمهورية حسن أحمد شرف الدين في كلمة أسرة الشهيد، يا أبا الحسن وهو يقدمك في ذكراك التاسعة عمّقت الأحزان وجسدت الأوصاف فبعثك فينا حياً بعباراته ورخامة صوته وتواضعه وملامحه التي هي جزء منك، فأنت فينا اليوم وبعد اليوم إلى أن ترفع الأقلام وتجف الصحف، وها هم أبناؤك وأحفادك وطلابك وأبناء شعبك ينفذون وصيتك ويلتحقون بالمسيرة التي نصحتهم يوماً بأن يلتحقوا بها.
وها أنت يا شهيد المدنية والقانون والفكر والعطاء تقهر قاتليك المتحسرين على سوء فِعالهم، وها هم اليوم ينشدون حواراً يعفيهم عن خيانتهم ويعيد لهم الكرة لعودة ما تم الاتّفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني الذين انقلبوا على مخرجاته بطلقة اخترقت جسدك الطاهر فارتقيتَ شهيداً، تبعها غاراتٌ وعدوان أمريكي سعوديّ قتل ويقتل وحاصر ويحاصر أحرار شعبك ومستضعفيه دون هوادة، وها هي أفكارك ورؤاك لا تزال مرجعيةً لكل الأحرار.
فما قتلوك ولكن الله قتلهم ولعنهم وأعد لهم خزياً في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وإلى الله تُرجع الأمور، نم قريرَ العين فلقد نفذ محبوك وطلابك ما طلبته منهم وها هم اليوم يجرّعون قاتليك وأسيادهم كؤوس المنايا في كُـلّ الجبهات وبالصواريخ البالستية والطيران المسيَّر، وها هو المخطِّطُ والموجِّه يركعُ في صنعاء طلباً للسلام من فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، فنعم الفتية ونعم القائد ونعم الشهداء ونعم المشهودون ونعم الشعب المعزى في ذكراك الحزينة.