جمعةُ رجب بها الاحتفالُ قد وجب..بقلم/ بلقيس علي السلطان
رجب الأصب الذي يصب الله فيه الخير والبركات صباً، ولعل أهل اليمن قد نالهم فيه من الخير والبركات ما نالهم وصبت عليهم النعم صباً صباً، وأية نعمة هي أعظم من نعمة الهداية، النعمة التي بموجبها يستطيع الإنسان أن ينال العزة والكرامة والنصر والتأييد الإلهي.
جمعة رجب هي العنوان البارز لعراقة شعب مستجيب للحق والهدى منذ القدم واسألوا عن ملكتهم التي تحملت عناء السفر من سبأ إلى القدس لتقف ماثلة بين يدي نبي الله وتعلن إسلامها بكل تسليم وثبات، واسألوا عن أصحاب الأخدود الذين فضلوا أن تحرق أجسادهم في الدنيا وهم محافظون على دينهم وهُــوِيَّتهم الإيمانية على أن تحرق في الآخرة وهم على ملة الكفر، فقد جاءه البشير بالبشرى أن أهل اليمن قد دخلوا في دين الله أفواجاً فسبح لله وحمده واستغفره على هذا الفتح والنصر المبين.
دخل اليمانيون في دين الإسلام باستجابة منقطعة النضير وذهبوا لرسوله مبايعين حتى قال فيهم: (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية) وسام خالد حظي به اليمانيون بأن أصبح الإيمان عنوانهم والحكمة سمة من سماتهم، فجعلوا من هذا اليوم عيداً يحتفلون به ومحطة إيمانية يحمدون الله فيها ويسبحونه على منحته العظيمة بالهداية للدين الحق والتوفيق في اتّباع الرسول الأعظم وآل بيته الأطهار.
في ظل عالم يسوده الضلال والتيه، وأمة إسلامية يسودها قصور الوعي والانشداد للغرب والخنوع لهم، يقف اليمانيون بكل شموخ متمسكين بهُــوِيَّتهم الإيمانية العظيمة، التي استطاعوا بها أن يخوضوا غمار أمواج الطغاة العاتية التي جعلت من أولويات أهدافها ومخطّطاتها استهداف الهُــوِيَّة الإيمانية للشعب اليمني وضرب القيم الراسخة والأخلاق العريقة التي يتحلى بها الشعب اليمني العظيم، حَيثُ حاول الطغاة طمس هذا الاحتفال وإبداله بأعياد ما أنزل الله بها من سلطان، لصرف الشعب اليمني والأمة الإسلامية جمعاء عن محطاته الإيمانية التي ترسخ المبادئ والقيم الدينية السامية فيه، وتجعله يمضي قدماً للحفاظ عنها ونبذ أية عادات وقيم تنافي دينه الحنيف.
الاحتفال بجمعة رجب ليس تقليداً ورثناه عن الأجداد فقط، بل هي محطة هامة يتزود فيها الشعب اليمني بالمبادئ الإيمانية والقيم الدينية العظيمة، فبها استطاع مقارعة العدوان الطاغي على مدى ثماني سنوات مضت، وبها سيقف شامخاً في وجه الأعاصير الطاغية التي تستهدف هُــوِيَّته الإيمانية، ولهذا وجب الاحتفال بجمعة رجب، ليعلم العالم أن الشعب اليمني سيظل متمسكاً بهُــوِيَّته الإيمانية وبقيمه الراسخة ومبادئه العظيمة حتى يتحقّق النصر المبين ويعم الأمن والإيمان على العالمين والعاقبة للمتقين.