محافظة الجوف.. من الظلام إلى النور.. بقلم/ هلال محمد الجشاري
مرّت على محافظة الجوف العديدُ من المراحل والمنعطفات خلال عقود من تاريخها، فمحافظة الجوف رغم أهميتها الجغرافية والتاريخية والاقتصادية إلا أنها كانت مغيَّبةً كليًّا عن دائرة الاهتمام من حكومات سابقة متتالية شملت كافة الأعمال الخدمية من تعليم وصحة وكهرباء ومواصلات في الوقت ذاته مارست هذه الحكومات انتهاكاتٍ واسعةً بحق المواطنين وقتلهم تحت مسمى الإرهاب وزرعت بذور العداء والثارات بين أبناء القبائل وتعمدت عدم تفعيل دور المؤسّسات الحكومية الخدمية في المحافظة، إضافة إلى انعدام الأمن ونشر الفوضى، وليس هذا فحسب بل سعت هذه الحكومات إلى تشوية المجتمع الجوفي بأنه مجتمع عشوائي ومجتمع جاهل ليس له هدف سوى السلب والنهب والسرق وحب القتال والعمالة للخارج وغير ذلك من الشائعات المغرضة والتي تتنافى مع الحقيقة فمجتمع الجوف من أفضل المجتمعات اليمنية واعرقها وأكرمها واشجعها عبر التاريخ.
وهذا وغيره حوّل المحافظة إلى شبه إقطاعات تعمها الفوضى، مما شجّع دول خارجية مجاورة في استثمار ذلك؛ لأَنَّهم يعرفون أهميّة المحافظة وموقعها الجغرافي وثرواتها وخيرات أراضيها فبدأت بشراءِ ولاءات بعض المشايخ من ضعفاء النفوس لصالحها وهدفها عدواني استعماري وساعدتهم في ذلك حكومات الارتزاق والتبعية، وهكذا استمرت المؤامرات والمكايدات على محافظة الجوف أرضًا وإنسانًا، حتى مطلع العام 2020م بعد أن تم تحريرُ كامل المحافظة وَعودتها إلى حضن الوطن والمسيرة القرآنية، فكان من بركات ذلك على وجه الخصوص تحقيق نهضة زراعية وتنموية شاملة وغير مسبوقة تحت شعار يد تحمي ويد تبني فكان أبطالها هم المجتمع الجوفي أنفسهم بعد أن لمسوا صدقَ وتوجّـه القيادة انطلقوا وتحَرّكوا بكل إمْكَانياتهم المتاحة جنبًا وإسنادًا للحكومة وهكذا بتكاتف جهود المجتمع إلى جهود وإمْكَانيات الحكومة تحولت محافظة الجوف من أسوأ المحافظات أمنيًّا وأضعفها تنموياً وأفقرها اقتصاداً إلى أهم المحافظات وتوسعت فيها الاستثمارات واخص بالذكر في الجانب الزراعي والتنموي، حَيثُ توجّـه المجتمع الجوفي إلى تنفيذ المبادرات المجتمعية وتشكيل الجمعيات الزراعية والتنموية والتوسع الزراعي وقريبًا ستكون الجوف سلة اليمن الغذائية التي تجود بجميع أنواع المحاصيل الزراعية حتى صار يرتكز عليها في الجانب الاقتصادي، وما يشهده القطاع الزراعي بالمحافظة من نهضة زراعية شاملة وتوسع زراعي غير مسبوق خُصُوصاً في مجال الحبوب يعكس صدق توجّـه وعمل القيادة والتفاف الشعب حولها وثقته بها.
كُلُّ هذا وغيره أدهش الجميعَ وبالذات عندما رأوا ولمسوا هذا التغيير المفاجئ والتحول غير المتوقع فعلى سبيل المثال في الجانب الزراعي تحولت محافظة الجوف من محافظة منكوبة لا تزرع سوى مساحات زراعية بسيطة لا تذكر إلى سلة اليمن الغذائية وكل هذا في ظل ظروف استثنائية من الحصار والعدوان مما يعطي مؤشراً كَبيراً يبشّر بمستقبلٍ أكبرَ لمحافظة الجوف واليمن بشكل عام.
ما ذُكِرَ من تغيرات في محافظة الجوف قبل وبعد المسيرة القرآنية يحكي أنه لا مستحيل في ظل وجود إيمان وثقة بالله وقيادة صادقة وبالإمْكَانيات المتاحة والظروف المناخية والبيئة المحلية مع قوة عزيمة وإصرار تتحول التحديات إلى فرص وقد جسد ذلك هذا الموسم الزراعي الحالي بمحافظة الجوف حين تحولت الأراضي الصالبة إلى مساحات خضراء تنتج أجود أنواع المحاصيل الزراعية من الحبوب وخُصُوصاً القمح وُصُـولاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي بإذن الله تعالى.