واللّهُ مُتم نورهِ وَلو كرهَ الكافِرون..بقلم/ مطهَّر يحيى شرف الدين
إزاء ما حصل في السويد من حرقٍ لنسخةٍ من المصحف الشريف وما حصل سابقًا من إساءَات لنبينا محمد -صلوات الله عليه وآله- تتردّد في مسامعي أسئلة كثيرة وَمنها: ماذا لو قام أحد من أبناء الأُمَّــة الإسلامية بحرق التلمود أَو نصوص من كتب اليهود التي يقدسونها مع عرض مشهد الحدث على مرأى ومسمع من شعوب العالم؟ وهل ستمر الحادثة مرور الكرام؟ وهل سيكون الموقف من قبل اليهود موقف الصامت والمتفرج!
أجزم يقيناً بأنهم لن يتوانوا ولن يهدؤوا إلا وقد أعلنوها حرباً على الإسلام وَالمسلمين، بل ستقوم الكثير من الأنظمة العالمية وعلى رأسها أمريكا والغرب وإسرائيل بعقد المؤتمرات والمباحثات للنظر في الحادثة والمطالبة بالتحقيق فيها وملاحقة ومحاسبة من قام بالتحريض والتنفيذ.
وليس كما هو الحاصل في واقع الأُمَّــة الإسلامية اليوم وَالتي يسودها الصَّغار والهوان وهي ترى الأعداء التاريخيين للإسلام والمسلمين يستمرون في اعتداءاتهم للمقدسات الإسلامية ويعصون الله ويتجرؤون عليه ويعتدون على كتاب الله وينتهكون الحرمات وينقضون العهود والمواثيق ويكفرون بما أنزل الله.
يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه: “قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهم صاغِرُونَ”.
الآية الكريمة فيها أمرٌ إلهي بقتال الذين لا يؤمنون به ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون أي خانعون أذلاء مستكينون، فما بالنا اليوم نشاهد من لا يؤمنون بالله ولا يدينون دين الحق وهم ينتهكون حرمة القرآن الكريم وَيعتدون على الدين الحق، في مشهدٍ رآه كُـلّ العالم وقد أظهروا قاصدين متعمدين استعلائهم وتحديهم واستفزازهم واستخفافهم بأمة المليار مسلم وأكثر.
يقيناً وبلا أدنى شك فَـإنَّنا كيمنيين أحرار نعتبر تلك التصرفات المسيئة بمثابة رسالة من الأعداء وموقف واضح منهم يعبر عن إظهار مشاعر العداء والحسد واللؤم للإسلام والمسلمين وما جعلهم يُقدمون على ذلك التصرف هو إدراكهم بأن الكثير من أبناء الأُمَّــة العربية وَالإسلامية قد انسلخوا عن دينهم وهُــوِيَّتهم وتركوا كتابهم ونبيهم وراء ظهورهم وأصبحوا من دون هُــوِيَّة جامعة وأنهم لو تمكّنوا لفعلوا أكثر من ذلك بالنيل من الدين الإسلامي ومن المسلمين أشد النيل والتوسع والقتل والانتهاك، مع أنه من المفترض بنا أننا كمسلمين نحن الذين يجب أن ننال منهم وأن نغيظهم وأن نطأ أرضهم كما أمرنا الله سبحانه في قوله: “وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ”.
السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى سيظل موقف السواد الأعظم من أبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية موقف المتفرج والصامت والمخزي من تلك التصرفات والممارسات التي يراد منها إيصال رسالة إلى الأنظمة الإسلامية وشعوبها بأنها أضحت في أدنى مستوى من الاستكانة والانبطاح والهوان الذي يتيح لقوى الشر والطغيان والاستكبار النيل من وحدة صفها وكرامتها إن كان لا زال لديها بقية من كرامة إلا من بعض الشعوب والمجتمعات الإسلامية ومنها شعبنا اليمني العظيم صاحب المواقف المعبرة عن الهُــوِيَّة الإيمانية والقيم والأخلاق والمستجيب للتعاليم الإسلامية وقد أبدى موقفاً مشرفاً أظهر حميةً وغيرةً على كتاب الله الكريم المنهج والهُدى والنور المبين في مسيراتٍ اعتُبرت الأكثر عدداً وعنفواناً وغضباً لله ولكتابه.
فهل سيستمر مسلسل الانتهاكات والجرائم بحق كتاب الله وبحق نبي الله خاتم الأنبياء والمرسلين وبحق المقدسات الإسلامية من قبل أعداء الله وأعداء الدين دون أي ردٍ عملي وتحَرّك جاد من أبناء الأُمَّــة الإسلامية التي أرادها الله خير أُمَّـة أُخرجت للناس عزةً وسيادةً وكرامة؟!
قال تعالى: “يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ”.