الاستهدافُ الممنهج..بقلم/ د. فاطمة بخيت
الأُمَّـةُ المهيمنةُ على كُـلّ الأمم، هذا ما أراده الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام، ولكن هل أرادت هي ذلك؟ سؤال يجيب عنه مدى تمسكنا بالمنهج الذي أنزله الله تعالى على أنبيائه ورسله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، لتستقيم لهم هذه الحياة ويسعدوا فيها وبما يكفل لهم العزة والكرامة، ولتُعمر الأرض على أرقى مستوى.
ولكن لغباء الكثير من البشر جعلهم يختارون لأنفسهم الانحراف عن ذلك المنهج، بل منهم من وقف محارباً لله ورسله ورسالاته منذ عصور متمادية في القدم وحتى عصرنا الحاضر.
وكان اليهود؛ بسَببِ عصيانهم واعتدائهم على رسل الله ورسالاته هم أكثر الطوائف إفساداً ومحاربةً لله ولدينه، وقد ذكر المولى عز وجل في القرآن الكريم الكثير من عصيانهم وفسادهم الذي امتد مع العديد من أنبياء الله بأشكاله المختلفة ووسائله المتعددة، وتقدم بتقدم الزمن، وقد شهد عصرنا الحاضر الكثير من أشكال إفسادهم وعصيانهم لله تعالى وانحرافهم عن منهجه مما لا يخطر على بال الكثير من البشر القيام به، وتجاوزت الفطرة الإنسانية والتصرفات البشرية لتنحدر إلى ما دون الحيوانية.
إنّ ما يحدث هذه الأيّام من الاستهداف المتكرّر للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها إحراق القرآن الكريم في السويد وهولندا وغيرهما من بلاد الغرب يأتي ضمن مخطّط ضرب الدين والقيم والمبادئ الإنسانية من قِبل الصهيونية العالمية؛ لأَنَّهم يعلمون جيِّدًا أنّ منهجية القرآن هي المنهجية التي بإمْكَانها أن تصنع أُمَّـة قوية مهيمنة قادرة على مواجهة مشاريعهم التدميرية؛ لذا يسعون لفصلنا عنه بشتى الوسائل والأساليب، ليس بحرقه وتمزيقه أَو أي شكل من أشكال استهدافهم له وحسب، بل بضربِه في نفوسنا وسعيهم؛ لإبعادنا عنه وعن تطبيقه في واقع حياتنا، وغيرها من أنواع الاستهداف، حتى يكونوا المسيطرين علينا والمتحكمين في شؤون حياتنا، ونكون أُمَّـةً خانعة ذليلة تعيش تحت أقدامهم وتقتات من فتات موائدهم.
وفي ظل هذا الاستهداف المتتالي والممنهج من العجيب جِـدًّا أن لا نسمعَ صوتاً يندّد أَو يستنكر من قِبل الكثير من أبناء الإسلام والمحسوبين ضمن المسلمين تجاه ما يحدث لقرآنهم ومنهجهم ودستور حياتهم، وخَاصَّة من أُولئك الذين أصمونا بمكبَّرات الصوت والخُطَب الرنانة والكلمات الجَزِلة والعبارات المنمقة، وتشدقهم باتباع القرآن والعمل بتعاليم القرآن ونهج منهجية القرآن! أين هم مما يحدث للقرآن؟! لماذا لم يعد هناك من يقاوم تلك المشاريع الشيطانية سوى الأحرار المقاومين من أبناء الأُمَّــة؟!
صمتٌ مطبقٌ وسكوتٌ مريبٌ ومواقفُ مخزيةٌ ومشينة تعكس مدى الانبطاح لتلك القوى الظلامية، كما تدل على التعاون المشترك بين بعض الأنظمة العربية المطبعة والمنبطحة والصهيونية العالمية لتدمير هذا الدين والقضاء عليه.
وما تشهده الساحة الإسلامية من الأحداث والمواقف التي تتعارض مع تعاليم القرآن الكريم لهو خير شاهد على تأمرهم للقضاء على هذا الدين.
وسيزداد الوضعُ تدهوراً وستتضاعفُ أشكال استهدافهم لديننا وقرآننا ومقدساتنا إذَا صمتنا مقابل انتهاكاتهم واستهدافهم المتكرّر؛ لذا لا بد للأُمَّـة من اتِّخاذِ مواقفَ جريئة وصارمة تجاه كُـلِّ مَن يسيئون إلى قرآننا ومقدساتنا، ولن يكفلَ لنا سعادتَنا وعزتنا وكرامتنا سوى العودة إلى القرآن وثقافة القرآن ومنهجية القرآن.