8 سنوات من العدوان الغاشم على اليمن.. رغبةٌ أمريكية بريطانية في تمديد الحرب
المسيرة| محمد ناصر حتروش
على مدى ثماني سنوات من الحرب العدوانية الظالمة على اليمن وشعب الحكمة والإيمان ممثلاً بقيادته السياسية والثورية يعي جيِّدًا بأن أمريكا وبريطانيا هي من تدير تحالف العدوان وتشرف على أعماله الإجرامية في اليمن.
وعلى الرغم من الزوبعة التي تروج لها أمريكا والمتمثلة في حرصها على السلام في اليمن ومتظاهرة بالحياد وعدم التدخل في الحرب إلَّا أن صفقات الأسلحة المبيوعة للتحالف بملايين الدولارات تثبت خلاف ذلك، حَيثُ يثبت الواقع أن غالبية الجرائم المرتبكة بحق الأبرياء من النساء والأطفال نُفذت بقنابل عنقودية وأسلحة أمريكية الصنع، فتلك الحظة المشؤومة ساعة إعلان الحرب على اليمن أعلن السفير السعوديّ آنذاك عادل الجبير من العاصمة واشنطن إنشاء تحالف عسكري دولي لضرب اليمن والذي أكّـد فيه أن قيام التحالف أتى بعد التنسيق مع الأمريكيين دقيقة بدقيقة في عدوانهم على اليمن، مُرورًا بإعلان وزير الخارجية الأمريكية حينها جون كيري بشكلٍ صريحٍ أثناء زيارته للرياض عن مشاركة بلاده في العدوان على اليمن، ناهيك عن تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين التي أكّـدت ضلوع “أمريكا وإسرائيل” ومشاركتهما في العدوان.
ولم يقتصر الدور الأمريكي في العدوان على اليمن على الجانب العسكري فقط، وإنما تنوع في مجالات متعددة أبرزها المجال العسكري والأمني والاقتصادي.
وخلال السنوات الثماني الماضية من عمر العدوان تداولت العديد من وسائل الإعلام الدولية، الدور الأمريكي في العدوان على اليمن، حَيثُ ذكر في تقرير مفصل نشر على موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عام 2019، قوله “إن الولايات المتحدة الأمريكية أبرمت صفقات لا تقل قيمتها عن 68. 2 مليار دولار، لتوريد أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتقديم التدريب العسكري مع السعوديّة والإمارات، منذ بداية عدوانهما على اليمن، وهو ما تزيد قيمته بمليارات الدولارات عما أعلن عنه سابقًا، بأن الصفقات الأمريكية السعوديّة تقدّر بـ 14 مليار دولار مع الإماراتيين والسعوديّين، منذ شهر آذار/مارس 2015، وفقاً لبيانات مؤسّسة Security Assistance Monitor البحثية، التي تُعنَى بمراقبة تجارة الأسلحة بين الدول.
وفي ذات السياق يؤكّـد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام المعني بالبحث في الصراعات والتسلح ومراقبة الأسلحة ونزع السلاح، أن إجمالي قيمة صادرات الأسلحة الأمريكية إلى السعوديّة، خلال الفترة الممتدة من العام 2010 حتى العام 2019 بلغت 16.213 مليار دولار، مؤكّـداً أن السعوديّة أكبر مستورد للأسلحة في العالم من 2015 إلى 2019، وهي السنوات الخمس الأولى من حرب اليمن.
وزادت وارداتها من الأسلحة الرئيسية بنسبة 130 % مقارنة بفترة الخمس سنوات السابقة. وكان الموّرد الأَسَاسي للأسلحة إلى السعوديّة هي أمريكا، من العام 2015 إلى العام 2019، وجاء ما مجموعه 73 % من واردات المملكة من الأسلحة من الولايات المتحدة، و13 % من المملكة المتحدة.
وفي السنوات الخمس التي سبقت الحرب، بلغت قيمة نقل الأسلحة الأمريكية إلى السعوديّة 3 مليارات دولار بين عامي 2015 و2020، وافقت الولايات المتحدة على بيع أسلحة بقيمة 64.1 مليار دولار إلى الرياض، بمتوسط 10.7 مليار دولار سنويًا.
وفي التاسع من أغسطُس من العام 2018م ارتكب تحالف العدوان جريمة بشعة بحق الطفولة، حَيثُ ضربت طائرات العدوان بقنبلة عنقودية أمريكية الصنع حافلة مدرسية في مديرية ضحيان بصعدة شمالي البلاد، واستشهد على إثرها 54 شخصاً، من بينهم 44 طفلاً.
وَبعد ذلك بأسبوع، جرى إخطار الكونغرس بصفقة تجارية مع الإمارات بقيمة 344.8 مليون دولار مقابل قطع غيار نظام الدفاع الصاروخي باتريوت.
وفي تلك الفاجعة المريبة، أوردت شبكة CNN الأمريكية بتاريخ 17 آب/أغسطُس 2018، أنَّ القنبلة المستخدمة في الهجوم على الحافلة المدرسية من صنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، أكبر صانع للأسلحة في العالم، وبعد 3 أَيَّـام من بث تقرير CNN، أبرمت إدارة ترامب صفقة مع الإمارات بقيمة 14.4 مليون دولار مقابل قطع غيار البنادق.
وفي العام الرابع من العدوان على بلادنا، انفجرت قنبلة موجهة بالليزر في منطقة سكنية في صنعاء استشهد زوجان و5 من أطفالهم الستة على إثرها، وأثبتت منظمة العفو الدولية بعد شهر من ذلك أنَّ قطعة من القنبلة التي وجدت وسط الحطام صنعتها شركة “رايثيون”.
وفي يونيو من العام الخامس من العدوان على اليمن، حدّدت منظمة العفو الدولية استخدام نفس قنابل “رايثيون” الأمريكية الصنع في غارة جوية نُفذت على منزل سكني في محافظة تعز باليمن، وأسفرت عن استشهاد 6 مدنيين من بينهم ثلاثة الأطفال.
وفي يناير من العام الماضي، استخدم تحالف العدوان ذخيرة دقيقة التوجيه صنعت في الولايات المتحدة في غارة جوية على مركز احتجاز في صعدة شمال غرب اليمن، والتي تسببت، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، في استشهاد ما لا يقل عن 80 شخصًا وإصابة الجرحى.
وقالت منظمة العفو الدولية إن القنبلة الموجهة بالليزر المستخدمة في الهجوم، والتي صنعتها شركة الدفاع الأمريكية “رايثيون”، هي أحدث قطعة في شبكة أوسع من الأدلة على استخدام أسلحة أمريكية الصنع في حوادث قد ترقى إلى جرائم حرب.
وكان أبرز ما تناولته وسائل إعلام أجنبية وبالأخص وسائل إعلامية أمريكية حول مشاركة أمريكا في العدوان على اليمن ومنها ما أكّـده موقع “التورنت” الأمريكي على أن السعوديّة ليست المسؤولة الوحيدة عن ارتكاب الجرائم في اليمن بل تشاركها أمريكا ودول أُخرى.
وهو ما أشار إليه السيناتور “كريس مورفي” الذي اتهم واشنطن بالمشاركة في قتل اليمنيين، وقال مورفي في مقابلة تلفزيونية على شبكة الـ CNN الأمريكية بأن هناك بصمة لبلاده في كُـلّ حياة يفقدها المدنيون في اليمن جراء العدوان.
في حين كشفت مجلة “ذا ويك” الأمريكية عن دعم أمريكي للتصعيد العسكري الذي جرى في السواحل الغربية لليمن، والاستهداف المُستمرّ لميناء الحديدة، واعتبرت المجلّة أن الرئيس “ترامب” لم يبادر فقط إلى الحفاظ على النهج الذي كان معمولاً به في عهد باراك أوباما، لجهة “دعم الحرب السعوديّة الكارثية في اليمن”، بل ذهبت أبعد من ذلك في إظهار كُـلّ إشارة دعم وتأييد في اتّجاه المزيد من التصعيد هناك، وكشف موقع “جلوبال ريسيرش” الأمريكي أن العملية هي مخطّط لتدمير الأُمَّــة العربية، وإغراقها في حروب أهلية، بأيدٍ عربية، تنفيذاً لخطط أمريكية صهيونية.
وفي ذات السياق نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية خبراً أكّـدت فيه مشاركةَ قوات خَاصَّة أمريكية في مساعدة السعوديّين على تدمير ما أسمتها مخابئ الصواريخ في اليمن، حَيثُ قالت الصَّحيفة في تقريرها إن قُوات أطلقت عليها اسم “القُبَّعات الخضراء” انخرطت في مَعارِكَ في شمال اليمن ضِد قُوات الجيش واللجان الشعبيّة، وَشارك الطيران الأمريكي في استهداف اليمنيين تحت شماعة استهداف مخابئ الصواريخ، وهو الأمر الذي يفسر لنا تلك النزعة الإجرامية للأمريكان الذين يديرون غرف عمليات العدوّ ويدفعون به لارتكاب المجازر والمذابح البشرية في حق نساء وأطفال اليمن.
وَنشرت مجلة بيز فيد “BuzzFeed News” الأمريكية تقريراً أعده مراسل التحقيقات والمحرّر في المجلة، الصحفي الأمريكي “آرام روستون”، المختص بالشؤون العسكرية وترجمه وائل شاري، التقرير جاء تحت عنوان: “هذا الأمريكي يعمل كجنرال لجيش أجنبي متهم بجرائم الحرب في اليمن.
وكشف التقرير أن جيش الإمارات يدار بقيادة ضباط أمريكيين كبار، وأن قُـوَّة الطيران الإماراتية يقودها الجنرال الأمريكي ستيفن توماجان الذي يتواجد في اليمن، متهمة إياهم بالمشاركة في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين اليمنيين.
وأوضحت أن ستيفن توماجان يتواجد في اليمن للإشراف على تنفيذ العمليات الجوية، مشيرة إلى أنه يدير فرع المروحيات العسكرية الإماراتية التي تقوم بعمليات عسكرية في العدوان على اليمن والمتهمة بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين.
الدورُ السياسي الأمريكي في اليمن
تجلّى العدوانُ الأمريكي على شعبنا ووطننا اليمني في المجال السياسي من خلال السطوة والنفوذ الأمريكي والإسرائيلي، على جميع المنظمات الأممية بما فيها مجلسا الأمن وحقوق الإنسان اللذان لم يحركا ساكناً، بل كانا هم من يتولى الشرعنة والتغطية لهذه الانتهاكات.
حيث قاما بتشكيل غطاء دولي يتستر على الجرائم الوحشية للعدوان وانتهاكاته لكل المبادئ والقيم والقوانين والمواثيق الدولية.
كذلك عملت أمريكا على تعطيل الحل السياسي في اليمن من خلال سياسة دأبت عليها أمريكا بين الأطراف السياسية اليمنية غير أن أهمها تعطيل الحوار في موفمبيك وجنيف وإدخَال اليمن في فراغ دبلوماسي طال أمده، ذلك الحوار الذي قال فيه جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إن اليمنيين كانوا على وشك الاتّفاق النهائي لولا إعلان بدء العدوان بعملية “عاصفة الحزم” التي أعلن عنها السفير السعوديّ من واشنطن.
وعملت واشنطن أَيْـضاً على إفشال أية مفاوضاتٍ أَو مشاورات مباشرة من خلال القصف العشوائي مرتكبةً أبشع المذابح، وكذلك من خلال العمل على استبعاد الحلول والتي تبين أن العدوّ السعوديّ لا قرار له وأن القرار كله بيد “أمريكا”.
الدورُ الأمريكي الاقتصاديُّ في العدوان على اليمن
لم يكن العدوانُ الاقتصادي على اليمن أقلَّ تأثيراً وعُنفاً من نظيره العسكري، بل إن العدوان الاقتصادي كان أكثر وأشد فتكاً بالمواطن اليمني وقوته اليومي، وإن كان العدوان قد حشد تحالفه العسكري لقتل اليمنيين، فَـإنَّ عدوانه الاقتصادي أكبر وأوسع وأكثر جرماً واحترافية من العدوان العسكري.
وفي هذا السياق أوضح معهد واشنطن المهتم بشؤون الشرق الأوسط، في تقرير صادر عن مجموعة “جورج تاون الاستراتيجية”، عن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لحرب اقتصادية على اليمنيين، أن هناك مؤامرة أُخرى لاستهداف سيادة الأُمَّــة اليمنية تحت عنوان “الإنسانية وخطط الطوارئ لإنقاذ الاقتصاد”، حَيثُ بين أن هناك انتهاكات لسيادة اليمن واستقلاله، قائلاً: “إن توصيات الولايات المتحدة توصيات مغطاة بالرحمة، ولكنها في حقيقة الأمر تشكل انتهاكاً للسيادة اليمنية”.
وأظهر التقرير أن هذه الحرب الاقتصادية على اليمن تديرها الولايات المتحدة، خَاصَّة بعد أن جاء نائب وزير الدفاع الأمريكي للمطالبة بتنفيذ هذه التوصيات.
ولعل جريمة إغلاق مطار صنعاء وحصاره من أكبر الجرائم التي ارتكبتها دول العدوان وفي مقدمتها أمريكا والسعوديّة في حق الشعب اليمني، وللعلم أنها أول مرة في تاريخ الحروب المعاصرة يُغلَقُ مطارٌ لدولة ذات سيادة ويتم سجن شعب.
وخلال إغلاق مطار صنعاء تضرر مئات الآلاف من اليمنيين المرضى والمسافرين والعالقين والمغتربين والذي تسبب في وفاة أكثر من 250 ألفاً، وعودة آلاف اليمنيين العالقين في الخارج من طلاب ومسافرين ومغتربين.
ومن خلال تلك المعطيات والشواهد المذكورة آنفاً بات شعبنا اليمني علي يقين تام بأن أمريكا وبريطانيا لا يرغبان في تحقيق السلام لليمنيين وهو ما برز مؤخّراً على لسان الرئيس الشاذ الأمريكي بايدن والذي أدان ضرب الإمارات في ذكرى مرور عام من عملية إعصار اليمن في حين أن تلك العمليات تأتي في إطار الرد المشروع في الدفاع عن النفس وحماية الوطن.
وتأتي تصريحات السفير البريطاني مايكل آرون بدعم لندن للإجراءات الاقتصادية التصعيدية التي أقرتها حكومة المرتزِقة على الشعب اليمني كدليل دامغ بأن أمريكا وبريطانيا لا يرغبان في إنهاء مسلسل الدمار والخراب القائم على أشلاء الطفولة والنساء والكثالى.